بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الذكرى الثانية والستون لتأسيس البعث
والذكرى السادسة لانطلاقة المقاومة العراقية
يحملان بشرى النصر القادم ويدعون العرب للاستفادة منها
لم يكن إعلان أوباما روزنامة الانسحاب من العراق أقل من تأكيد لانتصار البعث في معركة المواجهة مع الاحتلال الأميركي. ولن يكون أقل من هزيمة لأكبر جيوش العالم وأنظمته السياسية والاقتصادية. وبدوره قدَّم البعث هذا الإعلان هدية للأمة العربية في عيده الثاني والستين الذي سيحتفل به البعثيون في السابع من نيسان من هذا العام.
إن هذا الإعلان يحمل البشرى للأمة العربية بأنها تقف على أعتاب القرن الحادي والعشرين لتطرق أبواب التاريخ بقوة، ولتعلن أنها اليوم صانعة التاريخ الجديد للعالم بأسره بعد أن كانت مبتلاة بسلسلة من الهزائم والتراجعات.
أما كيف تطرق الأمة بوابة التاريخ الجديد، فإنما لأن البعث واجه، منذ بدايات تأسيسه، أطماع الاستعمار والصهيونية وتقودها اليوم الولايات المتحدة الأميركية. وهو يعرف أن أيديولوجيا أباطرة أميركا وحيتانها الرأسماليين تقوم على العدوان والقرصنة على شعوب العالم وثرواتهم، وسبيلهم إلى ذلك كانت سياسة الكذب والخداع. كما يعرف أيضاً أن ما دفع آخر أباطرتهم للاعتراف بالهزيمة في العراق ليست صحوة من ضمير، بل كان اعترافاً بضعف إمبراطوريتهم في مواجهة البعث الذي قدَّم أفضل التجارب في مقاومة غطرسة القوة، المقاومة التي تواجهت فيها إرادة الكرامة والقرار الوطني مع إرادة الشر والإرهاب الرأسمالي.
إن معرفة البعث بمواصفات أولياء الرأسمالية تاريخياً، كما في العراق قبل الاحتلال وبعده، جعلته يقف حذراً من إعلان أوباما بالانسحاب من العراق، وأن لا يطمئن إلى وعود طالما لم توضع على سكة التنفيذ. ولهذا فقد ردَّ البعث على قرار أوباما بشكل واضح لا تراجع عنه، هو أن المقاومة التي يقودها في الخنادق المتقدمة لن تدع البندقية تسترخي طالما ظلَّ جندي أميركي يخيِّم على أرض العراق.
إن الإدارة الأميركية الجديدة، على الرغم من أنها أعلنت روزنامة للانسحاب من العراق تنفيذاً للوعد الذي قطعته للناخب الأميركي، فهي لم تتحرر من وسائل الخداع والدوران تحت تأثير شياطين الإدارة القديمة الذين لا يزالون حاضرين في قرار الانسحاب للالتفاف عليه إذا ما لاحت لهم فرصة مناسبة لذلك.
إن الفرصة التي يراهن عليها أولئك الشياطين لا تزال كامنة في دسم ما تسميها إدارة أوباما حركة الحوار التي تديرها بمرونة فائقة مع دول الجوار الجغرافي للعراق، والتي لا تحمل للعراق إلاَّ سماً كامل المواصفات والشروط.
في حركة الحوار الجارية الآن، التي تلح عليها إدارة أوباما، مراهنة حقيقية تحمل آمالاً تنعش الاحتلال الأميركي من جديد إذا ما نجحت. وإذا كنا نبارك أي طاولة للحوار المتكافئ بين الدول، خاصة بين أميركا ودول العالم الأخرى، فإن اتجاهاتها في هذه المرحلة مع النظام الإيراني تسير بالعكس من مصلحة الأمة العربية لأنها تحصل بين طامعيْن بثرواتها وقرارها السياسي.
إن هذه الحركة الدائرة الآن على قدم وساق تعمل على توظيف نضالات المقاومة الوطنية العراقية لغير مصلحة العراق. وإن إلحاح إدارة أوباما عليها لم يكن ليحصل لولا تلك النضالات ونتائجها. ولأنها كذلك، ولأنها عراقية أولاً، وعربية ثانياً، فكان من الواقعي والمفروض أن تحصل بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة، وبين المقاومة الوطنية العراقية من جهة أخرى. ولأنها تسير على العكس من ذلك فإنها تؤسس لصراعات جديدة، ومعارك جديدة، لا تصب في مصلحة الولايات المتحدة الأميركية كما أنها لا تصب في مصلحة الإقليم الجغرافي المجاور للوطن العربي.
إن البعث في الذكرى الثانية والستين لتأسيسه، يقف بشكل واع وواضح أمام مرحلة الوعد والتجديد والعهد للبعثيين والمقاومة الوطنية العراقية والأمة العربية، وأمام مرحلة الوعيد للولايات المتحدة الأميركية وغيرها من الطامعين، يقف معلناً أن المقاومة التي انتزعت قرار الانسحاب من أوباما لقادرة على انتزاع أكثر من قرار بالانسحاب عن كل شبر محتل من الأرض العربية، أو كل شبر من المحتمل أن يكون موجوداً في مخيلة أي كان طامعاً باحتلاله الآن أو في المستقبل.
وإن البعث الذي وقف على أرضية تحرير الإرادة العربية، يجدد العهد والوعد بأنه لن يرتاح إلاَّ إذا تحررت الأمة العربية من عقدة الضعف والاستكانة ووقفت على أرضية الثقة بقدرتها وإمكانياتها على أن تكون الأمة القادرة على حماية نفسها من كل معتد خبيث، تحت أي مسمى كان، القريب منها أو البعيد. وأن تكون الأمة التي تنتزع حقوقها القومية بقوة سواعد أبنائها، الأمة التي لا ترضى أن تأكل من حقوق الأمم الأخرى وعلى حساب نضالات أبنائها.
وإن البعث يحذِّر كل الذين يقتاتون من دماء غيرهم، وخاصة النظام الإيراني، أن يقلعوا عن دورهم الطفيلي، خاصة إذا كان قوتهم يتم بتسهيل من العدو الرئيسي، أن يعودوا إلى رشدهم. كما يحذر كل المتلاعبين من الأنظمة العربية التي أرهقتها أدوار التبعية والالتحاق ويبشرهم بأن عصراً عربياً جديداً قد أشرق، هو عصر المقاومة والتحرير. كما يدعوهم إلى التقاط اللحظة التاريخية المتاحة لهم الآن ليأخذوا مقعدهم بين الأمم التي تصنع تاريخها بجهد أبنائها ودمائهم، وبأرواحهم أيضاً.