بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
منذ فجر الزمان
توّجت شمس بابل وادي الرجال
فقاموا يشدون أعراقهم في التراب
وكما النخل هاماتهم للسحاب
حلموا أن تكون على الأرض
أولى الجنان
فكانت
سقوها نجيع القلوب
وصاروا لأوجاعها بلسما ً وطبيب
بنوها بدمع العيون
حملوا عرشها للذرى
صعدا
كانت الأرض سكرى بأضوائها
عربد الضوء زهوا
فأيقظ أعداءها
وما هي إلا ….ّ
فجاشت رياح من الشرق والغرب
كادت تهز الجبال
صهيل ٌ الخيول تعالى ورعد الفرائص دق الطبول
فهبَّ نبوخذ نصــّـر
على رأس جيش غضوب
فأبلى وأردى
وأوقع
فأوجع
ثم ّ ألقى على الدهر
أسمى سؤال
أيـُّـنا سوف يبقى ويأخذ عشب الخلود
أنا أم عدوي الحقود ؟
ذلكم هو معنى الوجود
* * *
ومرت جياد الزمان سراعا ً
لتطوي السنين
أشرقت شمس بابل ثانية ً
في العراق
جاد وادي الرجال
بصقر الرجال
فأزهر في أرضه كل عود هشيم
هلل الرافدان
قادم سوف يبني البلاد
ويرفع للشمس هام العباد
وما أن تصاعد موج الزنود
وطافت قلوب المحبين تبني
وطاب النشيد
وما أن تصاعد صوت العراق
ولامس هام النخيل
شغاف الفضاء
أتتنا الرياح
من الشرق والغرب جاءت
تفوق التتار
توزع راياتها الخاسرات
تدمر ما تستطيع
فتجري الدماء سيولا ً
ويسري اللهيب
ويغبر ضوء الصباح
كأن القيامة قامت
تنادى الرجال
وأولهم
كان صدام صقر الرجال
وما هي إلا ّ….
ويربد وجه الضّـلال
تــبـّـدل حال بحال
ترنح من وقع تلك السيوف
جبابرة العصر
لكنهم . . . ووا أسفاه
سرقوا البدر منا
غرسوا الرمح في لب أحشائنا
قتلوه …..
وما مات بل عاش أخلد
وماتوا مرارا ً
وكل خسيس كأمثالهم
بالمهانة يُجلد
* * *
انتهى المشهد البابلي الأخير
فوق مسرح هذا الزمان
بعد حين ٍ …. بعد ألف ٍ بعد ما شاء عمر الزمان
سيكتب أطفالنا القادمون
بضوء العيون
حكاية صقر العراق
مثلما كتب الأولون لنا وكتبنا
قصة الملك البابلي
سيحكي سمير المساء لجلاسه
والمريد لطلابه
والأمير لأشياعه :
لقد كان في جنة الرافدين
رئيس ٌ عظيم ٌ حكيم ٌ
وسيم ٌ حنون ٌ عطوف ٌ
قويٌ عنيد ٌ
أصيل ٌ
إذا قال أمراً عناهُ وأبرمه ُ
ثم ّ مِنْ شهد روحه
سقاه
تقول الحكاية فيما تقول :
تفتح ورد العراق على راحتيه
توحّد كل العراق
بحب أفاض به خافقاه
تطاول في عهده النخل حتى الثريّا
وصار العراق وصار وصار ….
سيحكي الرواة
وتروي لأولادها الأمهات
عن رئيس جميل
ينام اليمام بأردانه آمنا ً
وفي نخوة الحق لا ينثني
أو يميل
ستروي الصحائف عن قائد ٍ
أمسك الأرض من صدر جلبابها
هزها فدهاها
وأسقط أوجاعها
فاستعادت صباها
غداً سوف يحكي الفرات لكل الظــِّماء
عن فرات المعاني الكبار
ودجلة يروي لورد الضفاف
عن نسيم المروءة في عهده
وربيع الإباء
ستحكي النجوم بليل العراق
عن نجوم من العز كانت تلأ لأ
فوق النخيل وتحت النخيل
يطرّزها برموش العيون
ليبسم وجه البلاد
بعد حين ٍ
ستنطق حتى الجبال
وتروي الحكاية جيلا ً فجيل
مرّ يوما بأرض العراق مليك ولا ملك له
غير نبض القلوب
وقائد شعب بأمر من الشعب للشعب
صان العهود
سيروي اليمام بأحلى هديل
عن حبيب يُغــيــّبُ ظـُـلما ً ولكنه حاضر ٌ
لايغيب
وعن قبر شمس ٍ أبت أن تغيب
وشمع عروس يلالي
بوجه الحبيب
سيروي النخيل
ما رأى ليلة النـّحر لما تسجّى
صفوف ملائكة عبروا ..امتلأ الفجر أجنحة ً وعبير
كبـّـروا …هــلـلـــوا ثم غابوا
عبر الضوءُ منزلقا ً كالبروق
تعالى على البعد صوت الحجيج
وكــنـّـا نكـبـّـر
وتبكي العذوق وتشهق
وبغداد ماذا تقول ؟
نزعت ثوب عرس الجمال
وارتدت ثوب عرس القتال
أقسمت أن تهز الجهات
ولا تغمض الجفن حتى تدوس
أنوف الطغاة
وقد فعلت
وأرتقت
وبنت
عاد مجد نبوخذ نصر
عاد صدام يزهر
فما غاب أسمه
توزع مثل النجوم الغرر
ومثل الينابيع يسقي الشجر
وما غاب رسمه
فهو في روح كل العراق
خالدا ً أبدا ً
كالربيع المطير
المعطـّـر
يعيد السؤال ….
أيـُّـنا سوف يبقى ويأخذ عشب الخلود
أنا أم عدوي الحقود ؟
ذلكم هو معنى الوجود
* * *
شبكة البصرة
الاربعاء 12 ذو الحجة 1429 / 10 كانون الاول 2008