بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
نشرت صحيفة نيويورك تايمز في عددها ليوم 25 ايلول/ سبتمبر 2008 تقريرا موسعا أعده جون بيرنز تضمن مقابلات مع المحامين الغربيين، الذين أشرفوا على المحكمة الجنائية الخاصة لمحاكمة قادة حكومة العراق الشرعية، أكدوا فيها أن حكومة المالكي تدخلت فى أعمال المحكمة وإنتهكت الأصول القانونية للمحكمات من أجل التعجيل بإرسال المتهمين الى حبل المشنقة إرضاء لشهوة الإنقام لديها. وأدناه خلاصة بما ورد في شهادات المحامين الغربيين وبعض الملاحظات عليها :
أولا : خلاصة تقرير صحيفة نيويورك تايمز
قال المحامون الغربيون، الذين عينتهم الولايات المتحدة لإنشاء وتمويل وتقديم الإستشارات للمحكمة الجنائية الخاصة، إن رئيس الوزراء نوري المالكي أجبر أحد قضاة المحكمة الخمسة على الإستقالة قبل ايام من صدور الحكم باعدام صدام حسين لإنه علم أن هذا القاضي (أبدى مرونة) عند مداولات هيئة المحكمة حول قرار الحكم، وأن المالكي أراد إستبدال هذا القاضي لإجهاض أي إحتمال بصدور حكم غير الإعدام، وأنه (أي المالكي) إستعجل التصديق على الحكم وتنفيذه رغم أن المحكمة لم تكشف بشكل واضح تدخّل صدام حسين في محاكمة المتهمين بمحاولة إغتياله.
وأضافت النيويورك تايمز إن هذا الكشف (سيثير أسثلة جديدة حول درجة نجاح إدارة بوش في تطوير المباديء الديمقراطية، بضمنها سيادة القانون، لدى قادة العراق الجدد، كما أنه سيعطي زخما إضافيا للمتشددين من البعثيين الذين يعتبرون صدام حسين شهيدا).
وتقول النيويورك تايمز إن الناس عرفت أن القاضي الأول للمحكمة جرت تنحيته بضغط من الحكومة لإنه لم يوقف مداخلات صدام حسين الغاضبة في قاعة المحكمة، وإن القاضي الذي رشح بديلا عنه جرت تنحيته فور تسلمه منصبه، ولكن ما لا يعرفه الناس لحد الآن هو أن قاضيا ثالثا وهو منذر هادي قد أجبر على التنحي من عضوية المحكمة قبل أقل من أسبوع من صدور الحكم على صدام حسين، وجرى تسمية قاض آخر بدلا عنه وهو علي الكاهه جي الذي لم يكن مطلعا على مجريات القضية خلال التسعة أشهر التي إستغرقتها المحاكمة، لكنه كان مرتبطا بحزب الدعوة الذي يراسه المالكي. واضافت، إن مكتب المالكي هدد القاضي منذر هادي بطرده من الوظيفة وطرده من الدار التي يسكنها في المنطقة الخضراء إذا لم يقدم إستقالته من عضوية رئاسة المحكمة.
وتذكر الصحيفة أنها حاولت الإتصال بقضاة المحكمة الجنائية الخاصة للتعقيب على هذا الكشف لكنهم جميعا إمتنعوا عن ذلك، والوحيد الذي قبل التحدث اليهم هو ياسين مجيد مستشار المالكي الذي نفى بشكل قاطع تدخل حكومتة في شؤون القضاء.
ويقول المحامي الكندي وليم ويلي، وهو أحد المحامين الذين عملوا في مكتب التنسيق في المحكمة الجنائية، إن حكومة المالكي كانت وراء التجاوزات على الإجراءات القانونية للمحكمة. واضاف إن مكتب المالكي كان دائم التدخل في عمل المحكمة الى أن إستطاع في النهاية أن يهيمن بشكل تام على جميع إجراءاتها. وقال إن حكومة المالكي إستغلت الوضع الصعب الذي كانت فيه القوات الأمريكية في العراق من اجل أن تحكم قبضتها على المحكمة وإجراءاتها. وقال إن المحامين الأمريكان العاملين في المحكمة وصلوا الى قناعة بإن إقامة محكمة عادلة لمسؤولي النظام السابق هو أمر غير ممكن بوجود مسؤولين عراقيين متعطشين للإنتقام ويتدخلون بإستمرار في عمل المحكمة.
ويضيف المحامي ويلي إن حكومة المالكي لم تكتف بإرسال صدام حسين الى المشنقة بل واصلت ضغوطها وتلاعبها بأعمال المحكمة وأجبرتها على تحويل الحكم على طه ياسين رمضان من المؤبد الى الإعدام، وأعدمته في 20/3/2007.
أمّا المحامي الأمريكي أيريك بلندرمان، من مكتب التنسيق ذاته، فقد ابلغ النيويورك تايمز إنه كتب مقالا سيظهرفي الكتاب السنوي لمجلة القانون الدولي الإنساني قال فيه (أن الحكومة العراقية إنتهكت متعمدة العديد من الإحراءات الدستورية والقانونية من أجل الإسراع في إعدام صدام حسين).
ثانيا : الملاحظات على هذه الشهادات
1 – إن هذه الشهادات الموثّقة من محامين أمريكان وكنديين عملوا في المحكمة الجنائية الخاصة تؤكد عدم قانونية هذه المحكمة وقراراتها، كما أنها تضيف دليلا آخر على لاشرعية ولا قانونية جميع المؤسسات التنفيدية والتشريعية المنشاة في ظل الإحتلال.
2 – إن حديث المحامين عن تعطش حكومة المالكي للإنتقام هو حديث ناقص، فالمالكي وحكومته عملاء، والعميل لا يملك مشاعر خاصة به بل هو صدى لمشاعر أسياده، والمتعطش للإنتقام من الشهيد صدام حسين ورفاقه ومن شعب العراق ككل إنما هم غلاة الفرس حكام إيران وغلاة الصهاينة.
3 –إن هذه الشهادات تضع أمام المنظمات القانونية ومنظمات حقوق الإنسان العربية والعالمية، مسؤولية المطالبة بحل هذه المحكمة فورا وإطلاق سراح جميع أسرى الحرب العراقيين بضمنهم من حكم عليه بالإعدام أومن سيحكم عليه بالإعدام في محكمة الإنتقام هذه، وكذلك المطالبة بتقديم جميع المسؤولين (أمريكان وإيرانيين وعراقيين) المشاركين في قرارات القتل المتعمد التي أصدرتها هذه المحكمة الى الجهاز القضائي الدولي المناسب لمحاسبتهم على جرائمهم ضد الإنسانية.
4 –واخيرا، فالحقائق الواردة في هذه الشهادات تأتي والإحتلال والحكومة المنشأة في ظل الإحتلال يقتربان من الهزيمة المطلقة، وستزيد هذه الحقائق من إصرار شعب العراق ومقاومته الباسلة على تحقيق النصر الناجز على أكثر بغاة التاريخ خسة ودناءة وتعطشا للدماء.
والله المستعان
بغداد 25/9/2008