اعرف ان عنوان هذه الزاوية سيثير حفيظة الكثير من الناس الذين عميت ابصارهم وبصائرهم عن حقيقة ما يجري في العراق العزيز، لكن في نفس الوقت سيفرح ويرضي الاكثر من الخلق الذين حباهم الله بعقل سليم وعلم نافع وبصيرة ثاقبة قادرة علي التنبؤ بمستقبل الايام.
اعترف باني لم اكتب عن العراق منذ ما يزيد عن الاعوام الثلاثة من بعد الاحتلال،
ولم اكتب في ذكري مرور السنة الاولي علي استشهاد صدام حسين، لم اكتب لاني وصلت الي قناعة بان ما بني علي باطل فهو باطل ولن يطول به العمر ولن اخوض في قواعد البطلان. ما دفعني للكتابة اليوم عن العراق العزيز هو ما يجري علي ترابه الغالي في الجنوب، العدو المحتل والمتعاونون معه من العراقيين مارسوا في العراق كل جرائم العصر وقتلوا واغتصبوا ونهبوا ودمروا في الانبار وما جاورها وانتقموا لا لذنب ارتكبه الناس في تلك المناطق من عراقنا العزيز الا لانهم رفضوا الاحتلال.
اليوم ينتقل ذلك الشر بكل جحافله الي جنوب العراق، لكن اهداف المتناحرين في جنوب العراق مختلفة يريد كل فريق تحقيق اهدافه علي حساب اخراج الفريق الاخر من الساحة، حزب مقتدي الصدر يشعر بانه الاولي بالولاية علي جنوب العراق ولاسباب متعددة، وحزب الحكيم المزدوج العمالة (امريكي ــ ايراني) يعتقد انه الاقرب الي قوي الاحتلال الامريكي والاكثر حظوة عند ايران، وحزب الدعوة الجعفري متربص لنيل الغنائم بعد ضعف المتصارعين وكلهم يهدفون الي الاستيلاء علي ثروات الجنوب وكنائز الاضرحة الشيعية هناك.
ماذا حدث في العراق منذ الاحتلال عام 2003؟ لقي ما يقدر بـ345 من اساتذة الجامعات العراقية مصرعهم علي يدي المليشيات الظلامية الحاقدة (الحكيم، الجعفري، الصدر، الطالباني، والبارزاني) وغيرهم من المرتزقة والشعوبيين وقد اعترف احد المنتسبين الي احدي هذه المليشيات بانه قتل عمدا 60 من قائمة علماء العراق، ولم يسلم الاطباء من القتل العمد فقد قتل 2000 من اطباء العراق من اصل 34000 من الاطباء المسجلين حتي عام 2003، وان 17000 منهم غادروا العراق، ويبلغ عدد المستشفيات الكبيرة 180 مستشفي تفتقر الي المواد الطبية الاساسية، وكان يتولي الشؤون الصحية في العراق حزب مقتدي الصدر وسقطت وزارة الصحة في مستنقع الفساد والعنف الطائفي حيث تحول العديد من المستشفيات الي مراكز اعتقال سرية يمارس فيها اقسي انواع التعذيب والقتل بطريقة منهجية علي ايدي فرق الموت الطائفية (خدوري 30 مارس 2008). تقول اوثق التقارير وباعتراف وزارة الداخلية ان اكثر من 9000 من موظفي الخدمة المدنية بمن فيهم موظفون رفيعو المستوي في مكتب المالكي قدموا شهادات جامعية مزورة من اجل شغل مناصب عالية في الدولة، وان 800000 من اطفال العراق لم يتسن لهم الالتحاق بالتعليم الابتدائي، وان 220000 طفل عراقي رافقوا اهلهم هروبا من القتل الي خارج العراق وهم ايضا محرومون من التعليم لاسباب متعددة، و5000000 لاجئ او مرحل عن ارضه وبيته.
السؤال الي كل صاحب ضمير واخلاق في العراق هل هذه المعاناة والحرمان من كل سبل الحياه كان امرا واقعا في ظل النظام العراقي قبل الاحتلال؟
اريد ان اذكر اصحاب الضمائر الحية من اهلنا في العراق باحداث عام 1991 أي ما عرف بالانتفاضة الشعبانية والتي كان يسميها النظام السابق صفحة الخيانة والغدر وقد تمكن النظام الوطني العراقي وجيشه الباسل في حينه من القضاء علي تلك الصفحة السوداء في تاريخ العراق. وحمل علي النظام السياسي القائم في حينه ابشع حملة اعلامية عربيا ودوليا بانه نظام اضطهد شعبه وقتل مواطنيه والي اخر تلك النعوت السيئة.
التاريخ يعيد نفسه هذه الايام، وفي جنوب العراق معارك ابادة جماعية تعاون فيها النظام العراقي المنصب من قبل قوي الاحتلال والجيش الامريكي والبريطاني واستخدمت ضد مواطني الجنوب العراقي كل انواع الاسلحة، كل ذلك يتم في ظل الديمقراطية الحديثة التي ارست قواعدها امريكا في العراق.
يقول ما يسمي رئيس وزراء العراق نوري المالكي في شأن ما يجري في البصرة وجوارها من حرب طاحنة اليوم: لن نتفاوض مع العصابات، والمخربين، والمهربين، لن نسالم ولن نصالح ولن نفاوض الخارجين علي القانون. يا للعجب بالامس كانوا انتفاضة جماهيرية كما وصفوا انفسهم واليوم مجموعة عصابات ومخربين ومهربين وخارجين علي القانون والجماعة هي الجماعة في الاولي والثانية.
آخر القول : اللهم ارنا عجائب قدرتك في كل من اراد بالعراق سوءا فانهم لا يعجزونك، اللهم احم اهله الصابرين المجاهدين وانصرهم واحم وحدة العراق واستقلاله وطهره من الخونة والعملاء
القدس العربي
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.