تمر علينا هذه الأيام ذكرى ثورات تموز الخالدة في وجدان الأمة العربية، حيث هبت مصر في الثالث والعشرين من يوليو/تموز 1952، لتطلق إرادة شعبها في بدء عهد جديد للتحرر والعدالة الاجتماعية والوحدة التي فجرها ناصر العرب ثورة رائدة في كافة المجالات التحررية، فانطلق زخمها إلى العراق في ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958، وقطف أبناء الجزائر ثمرة ثورتهم المسلحة التي قدمت مليون شهيد على درب الحرية ليعلن أبناء الجزائر استقلال بلادهم عن الاستعمار الفرنسي في الخامس من يوليو 1962.
وبعد ثورة 23 يوليو/تموز الناصرية بستة عشر عاما انطلقت ثورة 17- 30 تموز 1968 في العراق لتعيد للعراق بهاء ثورته التي نكص عليها الشعوبيون وأعداء الوحدة، ولتؤكد أن لا تراجع بل إنطلاق شامل على مستقبل واعد لتحرير الإرادة العربية وامتلاك ناصية العلم والمعرفة.
يحتفل العراقيون في كل عام بذكرى ثورة السابع عشر- الثلاثين من تموز 1968 القومية التحررية، بعد ان جعلوها عيداً وطنياً خالداً لهم، حيث شكلت حالة صعود وارتقاء إلى ما يعد شبه مستحيل، في روحها وقدرتها على قيادة الحياة وتجديدها، ونية الإيمان في صدور الرجال المجاهدين المؤمنين، الذين فجروا معاني الفعل، ليحشدوا القدرات داخل النفوس والعقول والهمم، فأضحت ثورة تموز حالة نهوض شامل توسمت فيها الأمة بذور حياة أفضل في أرجاء الوطن العربي الكبير، وتشحن همة كل العرب، وعقل يستحضر كل ذاكرة التاريخ العظيم لأمة عربية واحدة تجاهد لبناء مشروعها النهضوي التحرري، وتحمل رسالتها الإنسانية إلى العالم.
إن الحالة النهضوية التي خلقتها ثورات تموز في وجدان وضمير وعقل أبناء الأمة العربية، والبناء الشامخ الذي انطلقت فيه، دفعت القوى الاستعمارية والامبريالية العالمية لتستنفر قواها وإمكاناتها وطاقاتها لتئد كل مشروع واعد للنهضة في الأرض العربية لما يشكله من تهديد لمصالحها وجشعها وأطماعها، ولما يشكله من خطر على صنيعتها الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين، فبعد أن استطاعت إخراج مصر من معادلة الصراع العربي الصهيوني عبر اتفاقات كامب ديفيد، اتجهت بكل قواها للعراق عبر إغراقه بحروب مستمرة ثم عبر حصار جائر لأكثر من ثلاث عشرة سنة، على أمل انهياره، وبعد أن تأكدت أن العراق عصي على الانهيار، قامت بحربها العدوانية الشاملة الخارجة عن الشرعية والأعراف والمواثيق الدولية، ولتنصب حكومة عميلة من أزلام دوائر المخابرات الأمريكية والبريطانية ومن شذاذ الآفاق من طائفيين وشعوبيين حاقدين على العروبة وعلى مشروع النهضة العلمية والتحررية الذي باشره العراق بقوة واقتدار، حتى تكون العراق خاضعة ذليلة للسياسات الأمريكية الاستعمارية وتكون ثروتها مسخرة لخدمة مخططاتها، فكانت أولى قرارات أذناب الاحتلال محاولة طمس تاريخ العراق المشرف وإلغاء أعياده الوطنية المرتبطة بتموز الخالد.
إن ذكرى ثورات تموز في هذا العام تحمل معانيا نضالية وجهادية سامية، وتؤشر لنتائج ميدانية عظيمة، في خضم المواجهة التاريخية المصيرية، التي يخوضها أبناء العراق نيابة عن الأمة الواحدة، واستنهاضا إيجابيا لتاريخها، واستشرافا لمستقبلها وكرامة أجيالها القادمة، وووفاء لأمانة حمل رسالتها الخالدة، حيث تؤشر دلالات الحسم في المواجهة الجارية عمق المستنقع الذي تعيشه قوات الغزو الأمريكي البريطاني في العراق بفضل مقاومته الباسلة الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي، وتنامي دورها وفعاليتها وفرضها لمعطيات التقابل القتالي وبالرغم من تكالب القوى الإمبريالية والصهيونية واصطفاف الخونة والمتآمرين الطائفيين المندمجين مع الاحتلال واستراتيجيته من حكومة عميلة وتشكيلات إدارية وأمنية ولوجستية تحاول خائبة تقليل حجم خسائر الاحتلال، كما تشهد ضغوطاً داخلية عميقة في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ضد الحرب الجائرة التي ورط فيها بوش وتابعه بلير وتتعالى دعوات الانسحاب من أرض العراق الطاهر.
عاشت ثورات تموز.. وعاش تموز بذر الحياة..
عاشت أمتنا العربية المجيدة، ورسالتها الخالدة..
عاشت فلسطين حرة عربية من النهر الى البحر، ولتتنصر انتفاضتها الباسلة.
النصر الناجز المؤزر والسؤدد للمقاومة العراقية الباسلة وقيادتها ومناضليها الميامين.
الخزي والعار لحكومة العملاء صنائع الاحتلال الغاشم في العراق.
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.