vالحكومة وعدة أطراف سياسية في لقاء وصف بـ «محاولة لكسر الجليد» – بنا
… والمعارضة: اللقاء إيجابي لكسر الجليد
قال مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة (دراسات) في بيان له أمس الخميس (13 ديسمبر / كانون الأول 2012): «إن 30 شخصية تنضوي تحت 19 جمعية سياسية وحقوقية بحرينية وأعضاء من مجلسي النواب والشورى شاركوا في ندوة حوارية عقدها المركز أمس، بعنوان (حقوق الإنسان في البحرين… إنجازات وطموحات: نظرة إلى المستقبل)».
وذكر البيان أن «الندوة التي ترأسها مستشار جلالة الملك للشئون الدبلوماسية ورئيس مجلس أمناء «دراسات» محمد عبدالغفار، تناولت مختلف القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان في مملكة البحرين وأوضاعها وسبل تطويرها، واتسمت الندوة بطرح مختلف الآراء ووجهات النظر في جو من الود والتراحم، وقد أكد المشاركون أهمية عقد مثل هذه الندوات التي تجمع كل التوجهات والأطياف البحرينية».
وقال عبدالغفار: «إن الندوة أثبتت قدرة البحرينيين على حل مشكلاتهم والتواصل مع بعضهم والتوصّل لحلول في إطار البيت البحريني الواحد»، وأثنى على الجهود التي بذلتها الجهات المشاركة في الندوة وسعيها لإنجاح اللقاء الذي ضم مختلف التيارات الوطنية، آملاً أن «تكون هذه الندوة خطوة جادة لكسر أية حواجز تعوق التواصل والعمل المشترك لتقوية الصرح الوطني بأبنائه بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم الفكرية»، متمنياً أن «تخلق هذه اللقاءات أرضية قوية لتكثيف الجهود الرامية إلى تعزيز قيم التقارب والتعايش والتسامح في المجتمع البحريني». وأكد عبدالغفار أن «جلالة الملك يبارك مثل هذه الجهود الرامية للمّ الشمل والجمع بين أبناء البحرين بمختلف توجهاتهم وتواصلهم، بما يعمق أواصر التعايش والمودة فيما بينهم ويعزز فيهم روح المشاركة في المسيرة الإصلاحية».
وعبّر عن أمله في أن «تكون هذه الندوة الوطنية فاتحة خير لالتقاء مختلف أطياف العمل السياسي والحقوقي في البحرين، وإشاعة جو مفعم بالاحترام والمودة والروح الوطنية التي تتغلب فيها المصالح العليا للوطن على المصالح الذاتية».
وأشار إلى أن «أي مشروع سياسي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التفاعل البناء بين الدولة والمجتمع، وإسهام كل ألوان الطيف السياسي في تطوير التجربة الديمقراطية، في إطار من التوافق والسعي لتحقيق الوحدة الوطنية».
واستطرد أن»العلاقة بين الدولة والمجتمع تقوم على أساس متبادل من الحقوق والواجبات، ومن غير الممكن أن تقوم دولة مدنية من دون مجتمع مدني تؤمن مؤسساته بسيادة القانون وتدعو إلى الإصلاح والتطوير من خلال الأدوات الديمقراطية والممارسات الدستورية السليمة».
وأشار إلى أن «مسئولية التوعية بهذه الثقافة وترسيخها تقع على الجمعيات الوطنية، ومؤسسات المجتمع المدني، ومراكز البحوث والدراسات، التي يتعين عليها أن تأخذ بزمام المبادرة بعقد لقاءات مجتمعية تسودها أجواء الشفافية والوئام، وذلك بهدف تطوير المسيرة الإصلاحية، من خلال طرح معطيات محلية ضمن مبادرة وطنية تسعى إلى تعزيز حقوق المواطن البحريني والارتقاء به إلى أعلى المستويات».
الموسوي: النقاشات تركزت على الجانب الحقوقي
من جهته، قال القيادي بجمعية الوفاق هادي الموسوي: «إن جلسات النقاش كانت مغلقة، واستمرت من الساعة 10 صباحاً وحتى 2.30 ظهراً»، وأشار إلى أن «اللقاء كان إيجابياً، ويساهم في كسر الجليد في العلاقة على خلفية ما تسببت به الأزمة، ولكن لا يمكن أن نتحدث عن أن ما حدث هو جلسة للحوار، إذ تركزت النقاشات على الجانب الحقوقي فقط».
وعمّا طرحه خلال النقاشات، قال: «كان هناك نقد لأداء المنظمات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وعمد بعض الحضور إلى اتهام تلك المنظمات بالتسييس، وقد أبلغتهم بوجود فرق بين الانتهاكات والمخالفات، فالمخالفات يقوم بها الناس وتحاسبهم الدولة بحسب القانون، ولكن الانتهاكات تقوم بها الدولة ولا يصح أن تحاسب الدولة نفسها، وهنا يأتي دور المنظمات، ومن هنا تركز المنظمات الحقوقية على الانتهاكات التي تقوم بها الدولة».
وأضاف «طالبنا أن تنضم باقي الأطراف إلى وثيقة اللاعنف التي أطلقتها الجمعيات السياسية، من أجل يلتزم الجميع بنبذ العنف».
وأشار إلى أن «جميع من شارك في الندوة اتفق على أن الإعلام مارس دوراً تحريضياً خلال فترة الأحداث، وتم التأكيد على ضرورة أن يعطي المجال للمعارضة لأن تظهر في وسائل الإعلام».
سلمان: البحرين بحاجة لمشروع سياسي شامل
إلى ذلك، أكد الأمين العام لجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي عبدالنبي سلمان «الحاجة لمشروع سياسي شامل في البحرين، ولا يمكن حصر المسألة في الجانب الحقوقي على رغم أهميته، إذ إن الانتهاكات التي وقعت هي نتيجة تعطيل الملف السياسي لعقود طويلة، وطرحنا خلال النقاشات أن المسئولية تقع على الدولة بأن تطرح المشروع، والمعارضة تبدي الكثير من المرونة في هذا الاتجاه، كما أن هناك توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق التي تم التأكيد على ضرورة أن تنفذ بشكل عملي وسريع، فضلاً عن وجود 145 توصية عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، وتنفيذ هذه الأمور كفيلٌ بوضع العربة على السكة لتهدئة الأوضاع والدخول في مشروع حل سياسي يخرج البلاد من الأزمة الحالية، كما طرحنا ضرورة مساءلة المعذبين، وقد تحدث الوزير صلاح علي عن وجود 122 قضية ضد الشرطة، غير أننا أبدينا تحفظنا على عدم وجود إدانات قضائية ضد أحد منهم».
وأضاف «طرحنا ضرورة تعزيز الثقة بين الدولة والشعب، وهي مسألة لم تكن وليدة 14 فبراير/ شباط 2011، ولكن تعود لعقود من الانتهاكات، وعلى الدولة أن تعترف بوجود مشكلة حتى يسهل التعاطي معها، كما طالبنا بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين لتهيئة الأجواء أمام المصالحة الوطنية، وضرورة طرح مشروع للعدالة الانتقالية ينقذ البلاد على غرار الدول الأخرى، وبخصوص قضية المفصولين شددنا على ضرورة أن لا تقدم الدولة على هذه الخطوة مرة أخرى، وضرورة تصحيح الخطأ لأن ما جرى هو تجاوز لكل الأعراف، وعلى الدولة أن تعوض الأسر المتضررة جراء عمليات الفصل، كما تطرقت النقاشات إلى الدور الإعلامي الذي أساء للوحدة الوطنية، وضرورة أن توقف الدولة ذلك».
ووصف سلمان الندوة بـ «الخطوة الإيجابية، بشرط أن تأخذ طابع الجدية وتستمر ضمن مشروع أكبر، وقد وضحنا هذا الأمر، بضرورة ألا يكون الأمر بشكل مجتزئ، كما هي حال اللقاءات التي تمت بين وزير العدل مع الجمعيات السياسية والتي توقفت بعد جلسة مجلس حقوق الإنسان بجنيف».
وعمّا يشاع بأن هذه الندوة هي لتهيئة الأجواء للحوار، قال سلمان: «ما جرى بالأمس لا يرقى لمستوى الحوار والتفاوض الذي تطمح له المعارضة، ولكن نأمل أن يتطور خلال اللقاءات المقبلة».
شرارة الحوار أطلقها ولي العهد في «حوار المنامة»
وقد كانت الشرارة الأولى للحوار ممّا جاء في كلمة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة خلال افتتاح حوار المنامة، مساء الجمعة (7 ديسمبر / كانون الأول 2012)، إذ قال سموه في كلمته: «يجب على الشخصيات السياسية التي تختلف مع الهيكل الدستوري أو الأداء الحكومي أن تدين العنف، الصمت ليس خياراً، أدعو جميع القيادات العليا لأولئك الذين يختلفون، بما في ذلك آيات الله، لإدانة العنف في الشوارع بوضوح تام، بل ومنعه أيضاً. إطلاق العنان لقوة الشعب يعني أننا يجب أن نحترم آراء الناس، فهناك أغلبية صامتة هنا في مملكة البحرين يشعرون أن صوتهم غير مسموع. هم الذين يذهبون للنوم في الليل من دون وجود حراسة على أبوابهم، وهم الذين يعيشون في مجتمعات مختلطة، التي تمثل مختلف الطوائف والإثنيات والمعتقدات السياسية. إنهم هم الذين يجب عليهم أن يعيشوا بشكل يومي مع الخوف من اندلاع نزاع طائفي قد يضر بهم، وبمصالحهم ومستقبلهم أو مستقبل أبنائهم في أي وقت ولا يمكن أن نسمح بحدوث ذلك».
وأضاف سموه «نحن ندعو إلى قيادة مسئولة، وذلك لأن الغالبية العظمى من شعب البحرين ترغب في حل تضع به أحداث السنة الماضية في الماضي، وأعتقد أن الحوار هو السبيل الوحيد للمضي قدماً».
وقال سموه: «جيوسياسياً، وديموغرافياً وتاريخياً، يجب التوفيق بين وجهات النظر السياسية المختلفة الممثلة في الجماعات السياسية المختلفة، ولكن ذلك لن يتم إلا من خلال جلوسهم معاً، والاتفاق على إطار عمل يكون فيه سقف المقبول، هو الحد لما هو غير مقبول لدى الأطراف الأخرى، مع وضع التوصل إلى اتفاق كهدف أسمى».
وتابع سموه «أنا لست أميراً للسنة فقط أو للشيعة فقط في البحرين، وإنما للبحرينيين جميعاً في هذه المملكة والكل له قيمته الكبيرة لدي شخصياً، وآمل أن نرى قريباً اجتماعاً بين جميع الأطراف. إنني أدعو لعقد اجتماع بين الجميع وأعتقد أنه فقط من خلال الاتصال وجهاً لوجه سوف يتم تحقيق تقدم حقيقي، وليس من الضروري أن يتم التناقش في موضوع متقدم الأهمية بدايةً، ولكن يجب أن يبدأ عقد الاجتماعات لمنع الانزلاق في هاوية من شأنها أن تهدد جميع مصالحنا الوطنية».
المعارضة تفتح صدرها لمبادرة ولي العهد
وبعد ساعات من كلمة سمو ولي العهد، أصدرت قوى المعارضة البحرينية بيانات في (8 ديسمبر / كانون الأول 2012) بياناً رحّبت فيه بدعوة سمو ولي العهد لبدء الحوار، داعية إلى أن يكون حواراً جاداً يُتفق على أطرافه وأجندته وآليات القرار فيه والمدة الزمنية له، وأعلنت استعدادها للمشاركة في هذا الحوار الذي من المفترض أن يصادق الشعب على نتائجه كونه مصدر السلطات جميعاً، ولإعطائه البعد الشعبي والديمقراطي.
وأكدت ترحيبها بدعوة سمو ولي العهد، مشددة على أن الأزمة في البحرين كانت أزمة داخلية تمثلت في مطالبة شعبية واسعة بالديمقراطية قوبلت بالرفض من قبل السلطة، وقمع المطالبين بالديمقراطية أثبتته تقارير المنظمات الحقوقية العالمية المستقلة وتقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق.
وقالت إنها «تتفق مع سمو ولي العهد في ضرورة الاستماع إلى صوت الغالبية العظمى من الشعب البحريني المتعايش مع بعضه البعض ويهمه أمنه ومستقبله ومشاركته في إدارة شئونه كمصدر للسلطات على أسس ديمقراطية حديثة ومتحضرة، فسماع صوت الشعب والاستجابة له هو الحكمة المفقودة في البلاد».
ودعت المعارضة المجتمع الدولي إلى لعب دور إيجابي في إتمام الشروع في هذا الحوار وضمان نجاحه وضمان تنفيذ نتائجه.
وزير الخارجية يتحدث عن أولى خطوات «كسر الجليد»
وخلال مشاركته في فعاليات حوار المنامة، قال وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة: «إن المصالحة ربما تبدأ، وليس بالتحديد على مستوى حكومي، وربما من خلال اجتماعات في مؤسسة بحثية حول قضايا عامة مثل حقوق الإنسان»، معتبراً ذلك خطوة لـ «كسر الجليد»، مشيراً إلى أنه «عندما يتم بالفعل ذلك يمكن أن يحدث تقدم».
وشدد وزير الخارجية على أن المصالحة لا يمكن أن تتأتى من طرف واحد، وهي الحكومة فقط، ولا يمكن أن تكون لوحدها.
وأشار إلى أن المصالحة، وكما قال ولي العهد أمس الأول، تحتاج إلى جلوس كل المعنيين على الطاولة، مؤكداً أن الحكومة ليست قلقة بشأن نجاح الأمر، بل إن الأمر متعلق بالوقت المتوافر.