قدمت 27 دولة حول العالم للمرة الأولى أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بيانًا مشتركًا تطالب فيه حكومة البحرين بالتوقف الفوري عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
والتي تستهدف النشطاء الداعين للديمقراطية في البلاد، متضمنًا المطالبة بإطلاق سراح السجناء السياسيين ووقف استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين.
وألقى مندوبو الـ27 دولة، بياناً مشتركاً عن البحرين في الجلسة العشرين لمجلس حقوق الإنسان بدورته الحالية، والتي عُقدت يوم أمس الخميس (28 يونيو/ حزيران 2012) في جنيف، بموجب «البند 4 – المناقشة العامة»، وهو البيان الذي وقعته كل من: النمسا، بلجيكا، بلغاريا، تشيلي، كوستاريكا، كرواتيا، الجمهورية التشيكية، الدنمارك، استونيا، فنلندا، فرنسا، ألمانيا، ايرلندا، ايسلندا، ايطاليا، ليختنشتاين، لوكسمبورغ، المكسيك، مونتينغرو، النرويج، بولندا، البرتغال، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، اسبانيا وسويسرا، فيما لم توقع عليه كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا.
وجاء في البيان: «إن دولنا تولي أهمية قصوى للمبادئ التي توجه عمل مجلس حقوق الإنسان الواردة في القرار 60/251 للجمعية العامة للأمم المتحدة. ونحن مقتنعون بأن الحوار البناء والتعاون ضروريان لتحقيق هدفنا المشترك المتمثل في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم».
وتابع البيان: «نعتبر أن تشكيل اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق خطوة في الاتجاه الصحيح. ونحن نثني على إعلان البحرين التزامها بتنفيذ جميع التوصيات الواردة فيه. ونرى أن تنفيذ توصيات محددة في التقرير من شأنه ضمان المساءلة. ولذلك فإننا نرى أنه من الضروري بذل أفضل الجهود من أجل تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق في أقرب وقت ممكن».
واعتبر البيان أن التوصيات المتعلقة بحرية التعبير، وحرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات، والسجناء السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان، وادعاءات التعذيب تتطلب، اهتماماً خاصاً، مع ضرورة مساءلة أولئك الذين ارتكبوا أفعالا غير قانونية.
وأعرب البيان عن قلق الدول الموقعة بشأن أوضاع حقوق الإنسان في البحرين، سواء بسبب الانتهاكات التي وقعت في شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2011، أو تلك التي مازالت مستمرة.
وأبدت الدول الموقعة على البيان، قلقها أيضاً مما يواجهه المحتجون المطالبون بالتغيير الديمقراطي بسلمية، بصورة خاصة، مطالبة الحكومة البحرينية باحترام الحقوق الكاملة لهؤلاء، والمتمثلة في حرية التجمع والتعبير السلمي وتكوين الجمعيات، بما فيهم المدافعون عن حقوق الإنسان.
وأكدت الدول ضرورة التنفيذ الفوري لتوصيات لجنة تقصي الحقائق، والاستعانة بالخبرات الدولية اللازمة على هذا الصعيد، وأنه لتحقيق ذلك، فإن على البحرين تعميق تعاونها مع المعنيين بالاجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان.
وجاء في البيان: «ان كلا من المقرر الخاص المعني بالتعذيب، والمقرر الخاص المعني بالحق في حرية تكوين الجمعيات والتجمع، طلبا زيارة البحرين. ونحن نشجع البحرين على تحديد موعد معين لزيارتيهما، والتعاون معهما بطريقة بناءة».
وتابع: «في الفترة بين 13 و17 ديسمبر/ كانون الأول 2011، قام وفد عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان بزيارة البحرين، ومع ذلك، فإنه لم يتم السماح للمفوضية حتى الآن بالاستمرار في تنسيق عملها مع السلطات البحرينية. ونحن نرى أن هناك حاجة للاتفاق بين مكتب المفوضية والبحرين على خطة تعاون مشتركة، تشمل وجود مكتب دائم للمفوضية في البحرين».
وختمت الدول بيانها بالقول: «يحدونا الأمل في أن ما أبدته البحرين بالتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان، وإعادة الثقة بين السلطات والناس، من شأنه أن يخدم الغرض بإبلاغ مجلس حقوق الإنسان بجميع التدابير المتخذة من قبل البحرين لتعزيز وحماية حقوق الإنسان فيها».
ووفقًا لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، اتخذ مجلس حقوق الإنسان الدولي تدابير هامة خلال الستة عشر شهراً الماضية لمواجهة الانتهاكات الخطيرة في دول مثل ليبيا وسوريا، بينما ظل صامتاً بشكل مخجل عن الوضع في البحرين؛ متجاهلاً النداءات التي أطلقها المجتمع المدني حول العالم بشكل متكرر لعقد نقاش عاجل في المجلس حول القمع المتزايد للنشطاء الداعين للديمقراطية والمدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد.
يقول زياد عبد التواب، نائب مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان “هذه هي المرة الأولى التي رأينا فيها الحكومات تجتمع سويًا في الأمم المتحدة على المطالبة بوقف الانتهاكات الخطيرة التي تحدث في البحرين، الأمر الذي يعد خطوة هامة لمواجهة الازدواجية في المعايير الواضحة في الأمم المتحدة تجاه “الربيع العربي”.
غابت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة عن البيان المشترك، لكونهما حلفاء قريبين لحكومة البحرين، كما رفضت بعض حكومات من المنطقة العربية الانضمام.
ويضيف جيريمي سميث، مدير مكتب جنيف بمركز القاهرة “إننا نرى تلك الخطوة الأولى قد جاءت متأخرة، كبداية لمواجهة القمع المتصاعد في البحرين، كما لا يجب النظر إليها كخطوة بديلة عن عقد جلسة خاصة أو نقاش عاجل في مجلس حقوق الإنسان بشأن الوضع في البلاد”.
وفي مداخلة شفهية أمام المجلس اليوم، عبر مركز القاهرة عن تقديره لتلك الدول التي “قامت أخيرًا بكسر حاجز الصمت الجماعي عن انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، فاليوم أظهرت هذه الدول التزام مبدئيًا تجاه تعزيز حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية في المنطقة العربية.
ونحن نحث الحكومات التي اختارت ألا تشارك في هذا البيان، أن تبدأ في مواجهة ازدواجية المعايير بشكل أكثر جدية ، تلك التي تعامل بها المجلس مع واجبه في تعزيز حقوق المواطنين في المنطقة العربية؛ والتي تضم هؤلاء المواطنون الشجعان الذين يستمر قتلهم، وتعذيبهم وسجنهم لأجل فقط كفاحهم السلمي من أجل الحرية والديمقراطية.”
وفي الأسبوع الماضي، طالب بيان مشترك صدر عن مجموعة من منظمات المجتمع المدني من أنحاء العالم بالتحرك المشترك في مجلس حقوق الإنسان للتصدي للوضع في البحرين، وقد ذكر النداء حدوث الانتهاكات التالية والتي وقعت خلال الأشهر القليلة الماضية في البحرين ومنها:
• يقدر المحامون في البحرين عدد المعتقلين تعسفيًا بحوالي 800 شخص، كما يستمر إلقاء القبض على النساء والرجال ويطلق سراحهم بشكل يومي مع استمرار الاعتقالات التعسفية والمداهمات دون إذن قضائي، كما تستمر مزاعم التعذيب، بل إنه خلال الثلاثة أشهر الأخيرة كان هناك مجموعة من الأطفال تحت سن الثامنة عشر من بين المعتقلين.
• اعتقل على الأقل أربعة مصابين من مستشفيات فيما يعد استمرارًا لسياسة الحد من الحصول على الرعاية الصحية للمتظاهرين المصابين والمحتجين المشتبه فيهم. وفي هذا الصدد منعت الحكومة “أطباء بلا حدود” من تشغيل عياداتها لمواجهة الإصابات المتزايدة بين المتظاهرين. وقد صدر تقرير عن “أطباء من أجل حقوق الإنسان” يوم 21 مايو بعنوان “تحت السلاح” يحدد بتفصيل دقيق عسكرة قطاع الرعاية الصحية ومعالجة المصابين في المنازل.
• قامت السلطات بتثبيت كاميرات تلفزيونية في الكثير من غرف الاستجواب، طبقًا لتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، حيث يستمر التعذيب والمعاملة المهينة، الأمر الذي انتقل إلى أماكن الاعتقال غير الرسمية حسب ما وثقته منظمات دولية.
• يعد دخول الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان الدولية إلى البحرين مقيدًا للغاية –ربما ممنوعًا- منذ شهر إبريل 2011.
هذه الانتهاكات حدثت في سياق حملة في أنحاء البلاد من قبل الحكومة للانتقام من هؤلاء الذين شاركوا أو دعموا الاحتجاجات الداعية للديمقراطية التي بدأت في فبراير 2011. فقد صار من المهم أن تتخذ حكومة البحرين فورًا إجراءات ملموسة لوقف انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة في البلاد وأن تظهر التزامًا حقيقيًا تجاه الإصلاح.