هاني الفردان
أعلنت ست نقابات عمالية تشكيلها اتحاد عمال نقابات البحرين الحر يوم الأربعاء (18 يوليو/ تموز 2012) من خلال المؤتمر التأسيسي الذي عقد في فندق الخليج.
شاركت في المؤتمر شخصيات سياسية ودينية من بينها، رئيس تجمع الوحدة الوطنية الشيخ عبداللطيف المحمود، والنائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالله الدوسري، وعدد من النواب المستقلين والإسلاميين، وكذلك رئيس مجلس إدارة شركة ألمنيوم البحرين (ألبا) محمود الكوهجي، على رغم رفضهم لتسييس الحركة العمالية في البحرين!
غاب عن المؤتمر بشكل واضح وصريح، منظمتا «العمل الدولية» و «العمل العربية»، وكلنا يعلم قصة زيارتي لبنان ومصر، وما حدث فيهما، ولم يحضر المؤتمر سوى شخصيات نقابية بصفات فردية، لا تمثل أية جهة معنية. لكن اللافت الأهم بين الحضور هو الوكيل المساعد لوزارة العمل محمد الأنصاري، ليشكّل بذلك الحضور اعترافاً صريحاً من الوزارة بالمؤتمر التأسيسي ومن ثم بالاتحاد، إذ لا يمكن أن يأخذ الحضور في غير محل الاعتراف، وإلا لماذا حضر؟
والأهم من ذلك التصريح المتناقض الذي أورده الأنصاري لـ «الوسط» والذي نفى فيه أن «تكون الوزارة قد تسلمت أي طلب رسمي لإشهار الاتحاد الحر لنقابات عمال البحرين»، مشيراً إلى أن «المؤتمر التأسيسي الذي عقدته اللجنة التحضيرية للاتحاد لا يعني إشهار هذا الاتحاد رسمياً، إذ يتوجب على القائمين عليه رفع طلب رسمي مرفق به النظام الأساسي للاتحاد».
***
الفقرة السابقة تحتاج إلى تفسير منطقي، فرئيس الوزراء هنأ واعترف بإشهار الاتحاد، ووزارة العمل تتحدث عن عدم وجود مراسلات وطلب للإشهار!.
ومع ذلك، فهل عقد مؤتمر تأسيسي، لا يعني إشهاراً! انتخاب هياكل إدارية، لا يعني إشهاراً، وضع نظام أساسي! لا يعني إشهاراً، دعوة نقابيين من الخارج، لا يعني إشهاراً، ماذا يعني كل ذلك، هل هي حفلة عمالية تحضرها وزارة العمل لتكريمها فقط مثلاً؟
***
كلنا يعلم أيضاً بما لا يدع مجالاً للشك أن المرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام قانون النقابات العمالية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2002، الخاص بـ «التعددية النقابية» نص في مادته الثامنة على أنه «يجوز لكل نقابتين أو أكثر من النقابات العمالية المتشابهة (مع وضع خطوط كثيرة تحت كلمة متشابهة) أن تنشئ فيما بينها اتحاداً نقابياً، ويكون إنشاء الاتحاد النقابي والانضمام إليه بعد موافقة أغلبية أعضاء الجمعية العمومية للنقابة العمالية». ووزارة العمل تعلم أن الاتحاد الحر، بتشكيلته (نقابة عمال البتروكيماويات ونقابة عمال ألبا ونقابة المصرفيين والنقابة الوطنية لعمال جرامكو والنقابة الحرة لعمال بابكو والنقابة الوطنية لعمال خدمات مطار البحرين «باس»)، هو مخالف لنص المادة الثامنة من القانون.
نعلم أيضاً أن وزارة العمل ستهرب إلى الأمام في هذه القضية، من خلال نواياها في رمي كرة مدى قانونية الاتحاد من عدمه، على هيئة التشريع والإفتاء القانوني لكي لا توقع نفسها في حرج بين الموالين للنظام وأجزاء من النظام الراغبين في تمرير الاتحاد الجديد بكل علاته القانونية، وبين النص القانوني الصريح.
هذه الرمية والتي ستكون محرجة لراميها إن حدثت، ستكشف عن ضعف الوزارة وعدم قدرتها على فرض هيمنتها في تنفيذ بنود القانون الذي أوكلت مهماته لها. كما سيفرض علينا سؤالاً عن جدوى وجود الوزارة، في ظل إحالة أية مسألة قانونية لدائرة الإفتاء والتشريع، خوفاً من الدخول في معترك مع أفراد في النظام.
والسؤال المطروح الآن على وزارة العمل، التي حضرت المؤتمر التأسيسي: هل نصحت القائمين على الاتحاد الجديد، وأعلمتهم بمخالفته للقانون؟ وهي التي حضرت وشاركت وصفقت لمخالفة صريحة للقانون!
هل وزارة العمل من خلال موقفها غير الواضح في هذه القضية تسعى للعب على الحبلين، من خلال التلاعب بمفهوم حق التعددية النقابية؟ على رغم وجود حالة واضحة وصريحة تخالف نص المادة الثامنة من قانون النقابات العمالية، وإشهار رسمي للاتحاد.
هل وزارة العمل الآن قادرة على رفض إشهار الاتحاد الجديد نظراً لمخالفته القانون، رغم مباركة رئيس الوزراء له؟