منصور الجمري
في العام 2001 انفتحت الجهات الرسمية البحرينية على قوى المعارضة بصورة فاجأت المعارضة ذاتها، واعتبر الإعلان حينها عن تبييض السجون، والسماح بعودة المبعدين والمهجرين، وإلغاء قانون أمن الدولة ومحكمة أمن الدولة، بداية عهد جديد ودَّعت من خلاله البحرين اضطرابات الماضي وتقلبات السياسة المحبطة.
استفاد الجميع من الانفتاح على المعارضة قبل 13 سنة، ولأن الأجهزة الرسمية حينها لم تكن مستعدة تماماً لوجود معارضة منظمة، فقد تم «اختراع» مصطلح جديد للسياسيين الذين بدأوا بتنظيم صفوفهم والإعلان عن برامجهم من داخل البحرين، وهكذا نشأ مصطلح «الجمعية السياسية»، بدلاً من الحزب السياسي المتعارف عليه في كل مكان. غير أن هذا المصطلح (الجمعية السياسية) أثار الكثير من الجدال حوله.
حينها صرح وزير شئون مجلس الوزراء السابق محمد المطوع (في 14 يوليو/ تموز 2002) «بأن هناك انفتاحاً بشكل كبير في مملكة البحرين، وأصبحت الجمعيات ذات الشأن العام منشغلة بالسياسة وأن السلطة قد شجعت هذا التوجه ومازالت البحرين تعيش هذا المناخ، بل بصورة أفضل مما بدأته». وأضاف أن «تطور النقاش وأسلوب التعامل والحوار وممارسة الثقافة السياسية على المستوى الاجتماعي وتحسن (الانشغال) بالسياسة أعطى زخماً للحياة الديمقراطية»… ولكن «لا يجوز للجمعيات تبنّي المرشحين والإسهام في الدعاية الانتخابية لهم؛ لأنه لا يجوز لها (الاشتغال) بالسياسة، فهناك فرق بين الانشغال والاشتغال بالسياسة، فالاشتغال بالسياسة هو مهمة الأحزاب التي لها برامج محددة وقوانين والتزامات وهدفها هو الوصول إلى قبة البرلمان».
قبيل الانتخابات النيابية في أكتوبر/ تشرين الأول 2002 سمح – على مضض – لمنتمي الجمعيات السياسية الترشح للبرلمان بصفتهم السياسية، ولاحقاً تشكلت كتل نيابية تابعة لجمعيات سياسية. أمّا في برلمان 2010 فقد كان واضحاً أن التوجه الرسمي بدأ يميل نحو من أطلق عليهم بـ «المستقلين»، والمقصود بـ «المستقل» في البحرين هو الشخص الذي يؤيد التوجه الحكومي، ولكنه لا ينتمي لأي جمعية سياسية، وهو مصطلح آخر خاص بالبحرين فقط، تماماً كما هو مصطلح الجمعيات السياسية.
بعد الأحداث التي مرت بها البحرين في 2011، بدأنا نشهد توجهاً مختلفاً نحو الجمعيات السياسية التي تنتمي إلى المعارضة، فبعكس ما كان عليه الوضع في مطلع الألفية من الافتخار بالسماح للجماعات المعارضة العمل من الداخل، فإن القرارات والإجراءات الأخيرة تُبيِّن أن هناك ضيقاً من وجودها، وهو ما يفسر السعي الحثيث لربط كل ما تقوم به جمعيات المعارضة من نشاط سلمي علني باتهامات مماثلة لما كانت تُتَّهَم به المعارضة قبل إلغاء قانون أمن الدولة في 2001. فهل سنشهد قريباً إسدال الستار على العمل السياسي المعارض والمرخص قانونياً؟