تباينت الآراء حول التعديلات الجديدة على قانون النقابات العمالية، فقد جاء المرسوم بقانون رقم 35 للعام 2011 ليعمق جرح الأزمة النقابية والحراك العمالي في البحرين الذي شهد تراجعاً كبيراً لم يخفِه وزير العمل من قبل خلال الأحداث التي شهدتها البحرين في الفترة الماضية.
من الواضح أن التعديلات الجديدة على القانون جاءت نتاج أحداث شهدتها البحرين منذ الرابع عشر من فبراير/ شباط الماضي، ولم تكن نتاجاً لتطوير وتحسين العمل النقابي في البحرين.
التعديلات نوقشت من قبل السلطة التشريعية وتعرقل في مجلس الشورى، إلا أن الجميع فوجئ بصدوره عبر مرسوم في فترة الفراغ التشريعي، فأثار ذلك الكثير من التساؤلات وخصوصاً أن التعديلات لم تكن ملحّة وضرورية وعاجلة الصدور.
الأحداث السياسية التي شهدتها البحرين رمت بظلالها وثقلها الكامل على العمل النقابي في البحرين، وأدت لتراجعه بشكل واضح وجلي ولا يمكن الجدال فيها، فالعمل النقابي في البحرين أصبح معطلاً، وغير فاعل، مع وجود نحو 55 نقابياً مفصولاً من عمله، وإحالة نقابيين للقضاء، ورفض شركات التعاطي مع النقابات العمالية بحجة الأحداث الماضية، واستغلالاً لها.
التعديلات الجديدة على قانون النقابات العمالية أجهز على ما تبقى من الواقع النقابي في البحرين، وجاء تحت مفهوم عبارة «حق يراد به باطل»، ومن منطلق التعددية والديمقراطية، والالتزام بالاتفاقيات الدولية.
البحرين التي لم تصدق على أهم الاتفاقيات الدولية بخصوص الشأن النقابي وهما اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم (رقم 87 – 1948); واتفاقية حق التنظيم والمفاوضة الجماعية (رقم 98 – 1949)، تتشدق بأن تعديلاتها تأتي منسجمة مع ما نصت عليها هذه الاتفاقيات، عملاً بمفهوم آخذ ما يرضيني وأرمي بما يضنيني.
أهم ما جاء في التعديلات هو ذلك الأمر المتعلق بتسمية وزير العمل للاتحاد الذي يمثل عمال البحرين في المحافل الدولية والمفاوضات الجماعية على الصعيد الداخلي، إذ جاء التعديل الجديد وأزال كلمتين من النص وهما «الأكثر تمثيلاً» ليعطي القانون للوزير حق تسمية من يشاء دون أي معيار أو ضوابط، وهم ما ينتهك أهم أسس الاتفاقيات الدولية في عدم تدخل السلطة في العمل النقابي واختيار ممثليهم.
قوانين الأمم تتقدم وتبنى على مكاسب سابقة، إلا أن التعديل الجديد جاء ليسحب تلك المكاسب لتحقيق أهداف مرحلية وضمن أجندة زمنية مبنية على حسابات الأحداث الأخيرة في البحرين، وموقف الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين منها.
التعديلات الجديدة جاءت كرد فعل، و«عقاب» للاتحاد، ومحاولة لتهميش دورة، وخلق البدائل له تحسباً لأي تطورات جديدة قد تحدث في الفترة المقبلة.
السلطة من خلال أطروحاتها وتبريراتها للتعديلات، تسعى لمنع «التسييس والطأفنة النقابية»، إلا أنها بتعديلاتها، هيّأت الأجواء لخلق المناخ الطائفي، ولتقسيم العمال في الشركات، وللابتعاد عن أجواء المفاوضة الجماعية، ودخول عالم الفوضى الجماعية في الشركات
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3325 – السبت 15 أكتوبر 2011م الموافق 17 ذي القعدة 1432هـ