حسن المدحوب
يذهب البعض، بحسن نية أو بسوء للحديث عن أن مطالب التحول الحقيقي نحو الديمقراطية هي مطالب المعارضة، التي يحلو للبعض أن يسمها بالفئوية او الطائفية، لكن النقاط عندما توضع على الحروف بشكل واضح، تقول إنها – أي المطالب- ليست مطالب معارضة أيا كانت توجهاتها، بل هي مطالب شعب تواق إلى الحرية والكرامة والعدالة، وهل هناك شعب لا يرنو لذلك؟
نقولها بالفم الملآن، من حق هذا الشعب جميعا أن يحلم بديمقراطية حقيقية، يكون فيها شريكا في القرار والثروة الوطنية، ومن يطالب بذلك ليسوا شرذمة ولا قلة، هم شعب أصيل واجه كل الانتهاكات وحملات الكراهية بالورود وتسامى على جراحه التي حاول البعض تعميقها، ظنا منه أنه قادر على حرف بوصلة النضال الوطني، أو إطفاء جذوتها.
ما جرى منذ فبراير/ شباط 2011، كان قصة بحرينية خالصة، كتب سطورها شعب عظيم، لم تزده الانتهاكات إلا قناعة بأن لا سبيل لوطن يعيش فيه الجميع بعدالة وخير، إلا بالوقوف صفا واحدا للمناداة بديمقراطية تنصف الكل، وتحقق الأمن للوطن وأهله.
هذا الشعب، ليس معارضة، بل هم على عكس ذلك تماما، هم موالاة مطلقة، موالون لهذه الأرض، موالون لترابها ونخيلها وبحرها، يريدون الخير لهم ولأبنائهم، بذات القدر الذي يريدونه لغيرهم، دون زيادة أو نقصان.
الانتهاكات التي مورست على مدى الأشهر الماضية، لم تزد هذا الشعب إلا قناعة راسخة، بأن حملات الكراهية وبث الأحقاد لا يمكن أن تتوقف إذا لم تتحقق الديمقراطية التي يأمن فيها البحريني على نفسه وأبنائه، فهذه الحملات لم تفرق بين طبيب ولا ممرض ولا معلم ولا طالب ولا تاجر، ولا رجل أو امرأة، ولا صغير ولا كبير، وعلى عكس ما كان مرجوا منها، فقد زادت قناعات الناس بعدالة مطالبهم وزادتهم عزيمة وإصرارا على أن يتمسكوا بمطالبهم نحو الحرية والكرامة.
هذا الشعب لا يطلب الكثير، ولا يحلم بالمستحيل، ولا يفكر بالاستحواذ والاستئثار والهيمنة، ما يطالب به هو الشراكة الحقيقية في واقعه ومستقبله، شراكة عنوانها العريض الخير والعدالة والحرية والمساواة لكل البحرينيين.
دعوات الحوار التي يطلقها هذا الشعب، هي دعوات صادقة، تتسامى على الجراح، ولا تقف عندها، بل ولا تخاف منها، لأنه يؤمن أن كل ما ووجه به، لا يوازي حجم أحلامه التي ظلت تنمو فيه جيلا اثر جيل، بل وغرسها لدى أطفاله، بأننا شعب واحد، وأمل واحد.
اعذرونا، ما لدينا في البحرين، ليس معارضة، انه شعب يطمح بالكرامة والحرية، وهذا الطموح نزعة فطرية لدى كل شعوب الدنيا، وهذا الطموح سيتحقق اليوم أو غدا، لأن ذلك هو قدر هذه الأرض، قدرنا أن نظل نحلم بديمقراطية حقيقية تترسخ فيها قيم الإنسانية واحترام الإنسان لذاته، بعيدا عن التقسيمات ودعوات الطأفنة والكراهية، وهذا القدر المكتوب قادم لا محالة لأن تلك سنن الله، قادم لأن هذا الشعب جدير بذلك.