منصور الجمري
نحمد الله أنّ العقلاء في العالم وفي المنطقة وفي البحرين هم الأكثرية، ونحمد الله أنه وعلى الرغم من كل الشحن والمحاولات المستميتة لتصوير ما يحدث في البحرين على أنه صراع طائفي لم ينجح، ونحمد الله أن الذين فشلوا في تصوير ما يجري في البحرين بأنه صراع طائفي فاشلون أيضاً في محاولاتهم البائسة لاختلاق قصص عن صراع مع مقيمين.
الصراع الطائفي هو نشوب نزاعات بين مواطنين ينتمون إلى طوائف مختلفة في جميع أنحاء البلاد، وهذا لم يحصل رغم كل المحاولات الحثيثة لجرِّ الساحة إلى ذلك، والناس المطالبون بالإصلاح ينتمون إلى السنّة والشيعة وإلى كل الفئات المجتمعية التي يتكوّن منها مجتمع البحرين. وعلينا أنْ نلتفت إلى أنّ من يحاول أنْ يقول بأنّ فئة من الفئات تقف ضد الإصلاح الديمقراطي إنما يسجل إهانة لتلك الفئة لا يقبل بها من يتفحص التاريخ ويعرف معاني مثل هذا الكلام.
مثلاً، فإنّ التاريخ حاليّاً لا يرحم بعض رجال الدين المنتمين إلى الكنيسة الكاثوليكية في القرون الوسطى الذين حرّضوا على قتل الأبرياء واتهام من يخالفهم بممارسة الهرطقة، وخصّصوا رجالاً لصيد النساء اللاتي يُتهَمنَ بمزاولة السحر وتعذيبهنّ وقتلهنّ، وحاربوا أيَّ عالم تحدّث عن كروية الأرض واعتبروه كافراً، ولذا حرقوا الفيلسوف «جيرانو برونو» في العام 1600م في روما، وبعد ذلك بثلاثة عقود من حرق «برونو» أجبروا المخترع العبقري «جاليليو جاليلي» على التراجع عن إثباته كرويّة الأرض، وفرضوا عليه إعلان توبته والتنازل عن اكتشافاته.
وعليه، لا أعتقد أنّ طائفة في البحرين تودُّ دخول التاريخ بالطريقة نفسها التي دخل بها بعض أتباع الكنيسة في قرون الظلام الأوروبية، فجميعنا بشر ونطمح أنْ نعيش في بلداننا بعزّة وكرامة… وقد جاء تقرير تقصّي الحقائق في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 ليدحض عدداً من الخرافات التي روّجها البعض، وآن الأوان لهؤلاء أنْ ينتبهوا إلى أنفسهم وأنْ يلتحقوا بالذوق الإنساني في التعامل مع قضايا أصبحت تمثل إجماعاً عالميّاً، وهي جميعها تدور حول الحقوق الأساسية التي نصَّ عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة (وليس من طائفة دون غيرها) وذلك في العام 1948.
البعض يُروِّج قصصاً وإشاعات لعلّه يجد من يسانده في وقوفه ضد المطالبين بالديمقراطية، وهذا البعض لن يستطيع إشعال صراع مع مقيمين يعيشون في جميع أنحاء بلادنا حتى في المناطق التي تشهد أحداثاً بصورة شبه يومية، مثل سترة التي يمثل المقيمون نحو نصف عدد السكان فيها. إنّ جميع البحرينيين من كل الفئات قادرون على تجاوز ما أصابهم، ويستحقون إطاراً سياسيّاً جامعاً لهم وليس مُفرِّقاً بينهم
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.