هاني الفردان
منذ مايو/ أيار 2014 بدأت الأنباء والأخبار والشائعات عن مغادرة أو هجرة أفراد «قبائل» بحرينية إلى الخارج في ظاهرة تتكرّر من جديد بعد حقبة زمنية ليست ببعيدة كثيراً.
في ذلك الوقت، تحدث نشطاء وفي ظل صمت رسمي «غريب» عن مسلسل هجرة القبائل من البحرين بسبب مزاحمة من آخرين «جدد»، وخصوصاً في المناطق التي يعيشون أو يتمركزون فيها. وتأتي تلك الأحاديث في ظل أنباء عن مغادرة أفراد من عائلة المهندي البحرين إلى قطر، كما تحدّث أيضاً مقرّبون من السلطة عن هجرة 37 شخصاً من الجلاهمة و12 من السويدي، وآخرين إلى الدوحة.
في ظل كل ذلك الحديث غير العلني، وغير الواضح عن هجرة عوائل إلى دول خليجية، صدر حديثان أحدهما شبه رسمي، والآخر من رئيس شارع ما يُعرف بـ «شعب الفاتح» عن تلك الهجرات.
في 30 مارس/ آذار 2014 نقلت صحيفة محلية عن شخصية نسائية من العائلة الحاكمة، إعرابها «عن أسفها الشديد لمغادرة بعض الأسر البحرينية وطنها واختيار الإقامة في الدول الخليجية المجاورة، مطالبة بالتحقيق في هذا الأمر».
موضوع هجرة عوائل بحرينية إلى قطر خرج إلى النور، وبشكل واضح عندما تحدّث رئيس تجمُّع الوحدة عبداللطيف المحمود في (20 مارس 2014) عبر صحيفة محلية عن أن ما جرى في الفترة الماضية «سياسة قديمة»، موضحاً أن «دولة قطر تمنح الجنسية لأفراد من عائلات معينة، خصوصاً إذا كانت هذه العائلات موجودة في كلا البلدين (…)».
كعادته كسر حاجز الصمت الرسمي، وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، وتحدث بصراحة وشجاعة عن تجنيس قطر لعوائل بحرينية، متهماً قطر بـ«التمييز»، وذلك في لقاء تلفزيوني مع قناة «روتانا خليجية» بُثَّ يوم السبت (12 يوليو/ تموز 2014)، مشيراً إلى أن الكثير من أبناء البحرين يتم إغراؤه بمنحه الجنسية القطرية تحت مسبب أن له انتماء عائلياً هناك، ولكن الانتماء العائلي موجود في الجهتين.
وأوضح الوزير أن ذلك يؤثر على استقرار بلد ويفرغه من أهله، ويفرق بين أبناء البحرين، متهماً قطر بالتعامل «في الموضوع على أساس مذهبي، إذا كان سنياً من قبائل عربية من أهل البحرين فالباب مفتوح، وإذا كان شيعياً فالباب أمامه مغلق».
بعد نحو شهر، تحدثت وزارة الداخلية في بيان لها عن تجنيس قطر مواطنين بحرينيين، وأكد وكيل وزارة الداخلية لشئون الجنسية قيام دولة قطر بتجنيس أفراد بعض العوائل البحرينية من خلال إغرائهم بالحصول على بعض المزايا، وأن البحرين تعمل مع دول المجلس على احتواء هذه المسألة بما يتماشى مع اتفاق الرياض، معرباً عن ثقته في أن «قطر ستعمل على مراجعة موقفها في هذا الشأن، حيث أن تجنيسها لمواطنين بحرينيين ينعكس سلباً على أمن المملكة ومصالحها الوطنية العليا».
من الواضح أن حديث وزير الخارجية، وكذلك بيان وزارة الداخلية عن تجنيس قطر عوائل بحرينية ركز على نقطتين جوهريتين في السياسة البحرينية الداخلية، الأولى جانب «أمني»، والثانية «طائفي ومذهبي».
وزير الخارجية أعلن صراحة أن قطر تجنس سُنّة البحرين دون الشيعة، وهو ما اعتبره «يؤثر على استقرار بلد ويفرغه من أهله»، كذلك وزارة الداخلية ركزت على النقطتين ذاتهما عندما قالت في بيانها إن قطر «تغري بعض العوائل البحرينية من خلال الحصول على بعض المزايا وقد خصت قطر عوائل محددة وفئة دون الفئات الأخرى»، مؤكدة أن ذلك «ينعكس سلباً على أمن المملكة ومصالحها الوطنية العليا».
الحديث الرسمي يفرض علينا أسئلة مشروعة، نحتاج إلى جواب عليها، وخصوصاً كوننا مواطنين نراقب تلك التحولات سياسياً واجتماعياً، وحذرنا منها سابقاً في ظل توجه محموم من قبل الدولة في تنفيذ «أجنده تجنيس» منذ سنوات، فضح أمره «التقرير المشهور».
ماذا لو قامت قطر بتجنيس شيعة البحرين بدلاً من سُنّتها، وعملت على تفريغ البلد منهم، فهل سيكون ذلك مقبولاً لدى السلطة ومسئوليها؟ وسيكون منسجماً مع مخططات ذلك التقرير وسيساهم في تحقيق أهدافه بتغيير التركيبة الديمغرافية للبلد؟
هل الخوف الرسمي والحديث عن الجانب الأمني مرتبط، بتحرك قطر لتجنيس سُنّة البحرين، وهي خطوة قد تؤخر أهداف ذلك التقرير؟ ولماذا لم ترفض السلطة عملية التجنيس القطري لعوائل بحرينية بشكل مباشر دون التركيز على الجانب الطائفي منه، كون الجميع مواطنين يجب الحفاظ عليهم دون النظر لمذهبهم؟