هاني الفردان
«البحرين معتادة على تقبل الرأي والرأي الآخر، ومن يملك رأياً معارضاً لن تكون حياته أو مستقبله مهدّد»… هذا ما قاله وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة عبر فضائية عربية بعد عودته من جنيف.
«دعوة إلى محاسبة كل من يثبت تورطه في التشهير ضد البحرين بالخارج، وأنَّ من يشوِّه صورة بلده هو خائن ولا يستحق أن يحمل جنسيتها»… وهذا ما دعت إليه صحيفة شبه رسمية، يوم الأحد الماضي. فيا ترى أين الحقيقة؟ وماذا سيكون رد وزير الخارجية عليها بعد تصريحاته الأخيرة، والتي رأى فيها أن الوفد الأهلي في جنيف يمثل الرأي الآخر.
وزير الخارجية يقول: «هناك من جاء من البحرين إلى جنيف برأي مخالف لرأي الدولة ولم تمنعه الدولة من حضور اجتماع مجلس حقوق الإنسان، ولن يحاسبه أحد إذا عاد إلى الدولة، وهذا ما حدث في السابق، وتحديداً في مايو/أيار الماضي، على رغم أن هناك ادعاءات من البعض بالخوف، ومن جاء من البحرين إلى جنيف وتكلم سيعود إلى بيته، أمر جيد أن يكون هناك رأي ورأي آخر، الآراء موجودة في نفس المكان، ومن له رأي معارض حياته ليست مهددة ولا أمنه ولا مستقبله، ونحن واثقون من أنفسنا».
كلام رائع وجميل، لكن في المقابل عندنا ردة جديدة للعهد البائد لوسائل الإعلام ووضع الدوائر على المطالبين بالحرية والعدالة واستهدافهم في أرزاقهم وأعمالهم، فقد تزامن مع تصريحات الوزير، نشر الاكتشاف الخطير وهي قائمة «الخونة» المشاركين بتشويه سمعة البحرين في جنيف، وبعضهم موظف في وزارتي «الصحة» و«التربية» ومعهد البحرين للتدريب.
كلام الوزير موجه إلى السياسيين والخارج، وكلام الصحيفة موجه إلى الداخل، من أجل اتخاذ إجراءات عملية وملاحقات ومضايقات في العمل، هذا يمكن تلمسه من التناقضات.
نشر الأسماء ووصف المشاركين من الوفد الأهلي إلى جنيف بالخونة، ذكر مواقع عملهم والمؤسسات التي يعملون فيها، والدعوة لمحاسبتهم، كل ذلك يأتي برسالة واضحة وهي ضرورة محاسبة «الخونة» الذين يشوهون سمعة الوطن!
لأول مرة مسئول في الدولة يرى أنه «أمر جيد أن يكون هناك رأي ورأي آخر»، في إشارة إلى وفد جنيف الأهلي، إلا أن ذلك الأمر الايجابي لدى جهات أخرى رسمية أو شبه رسمية «خيانة عظمى» للوطن.
في تغريدة سابقة لوزير الخارجية لاتزال في أذهان الجميع، عندما سأل أحد الحقوقيين في السادس والعشرين من أغسطس/ آب 2012 الوزير عبر «تويتر» في خضم الأخذ والرد حول الشأن السياسي «مستعد تقول للعالم: لماذا تلفزيون البحرين استهدف طائفة فترة السلامة الوطنية؟ أليس هذا (المفترض) تلفزيون وطني يا سعادة الوزير؟»، وجاء رد الوزير «أخوي… اللي يسوق سيارة يطالع جدام، وما يلتفت وراء إلا اللي راجع ريوس».
ما نشهده من تهديد وتخوين للوفد الأهلي في جنيف، ليس كلام خرافة، وليس حبراً على ورق، بل هو حقيقة واضحة وملموسة، تلمَّسها العالم، وأصدر مجلس حقوق الإنسان بياناً بشأنها في مايو الماضي، وأعادها من جديد في جلسته الأخيرة.
من حديث الوزير الأخير وحديث الصحيفة، يتضح جليّاً من «يطالع جدام، ومن يعود للوراء»، ومن يسعى إلى تفريق البشر ويعارض أية محاولة صادقة للحوار.