في ذكرى الأول من مايو
التجمع القومي يهنئ عمال البحرين بعيدهم الأغر
وفي مناسبة يوم العمال العالمي لهذا العام، قالت منظمة العمل الدولية إن جائحة كوفيد -19 أظهرت كيف أن الحوار الفعال بين أصحاب العمل والعمال والحكومات، هو أفضل طريقة لتعزيز السلامة والصحة في العمل. كما طالبت الحكومات بوضع معايير العمل والسياسات التي تعزز العمل اللائق، حيث أن ما يقرب من ثلاثة ملايين عامل يموتون كل عام بسبب الحوادث والأمراض المهنية، ويعاني مئات الملايين من إصابات غير مميتة في العمل.
وتأتي احتفالات عيد العمال هذا العام في البحرين لتسلط الضوء على أهمية المطالب التي نادت بها منظمة العمل الدولية. فبالرغم من تحسن الوضع الوبائي والصحي لجائحة كورونا، وذلك بفضل الجهود الكبيرة للفرق الصحية والطبية والتمريضية وأفواج المتطوعين، إلا أن تداعياتها الاجتماعية والاقتصادية لا تزال قائمة، حيث تعتبر الحركة العمالية على رأس ضحاياها في البحرين، نظرا لهيمنة بيئة العمل الهشة القائمة في غالبيتها الساحقة على المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة التي تعتاش على قوتها اليومي ولا تستطيع مواجهة تداعيات تلك الجائحة لفترات طويلة، كذلك ضعف أنظمة حماية العمالة ضد الفصل وتقليص الأجور والمزايا العمالية، ناهيك عن انخفاض الرواتب وارتفاع معدلات البطالة بالرغم من الأرقام المبهمة الخاصة بالتوظيف التي تعلن عنها وزارة العمل، وانخفاض المستوى المعيشي الناجم عن الارتفاع الفاحش في الأسعار ورفع ضريبة القيمة المضافة وارتفاع تكلفة الشحن وسلاسل التوريد وإجراءات التقشف الحكومية على صعيد تقليص الدعم ووقف زيادة المعاشات التقاعدية وغيرها، والتنافس الشديد وغير العادل من قبل العمالة وأصحاب المهن الوافدين في سوق يتسم بالتشبع وغياب الضوابط التي تحمي العامل وأصحاب المهن من أبناء الوطن.
كما بات واضحا اليوم وجود تراجع كبير في مكتسبات وحقوق عمال البحرين وما حققوه عبر عقود من النضال الدؤوب، وفي مقدمتها حرمانهم حقهم في تنظيم مسيراتهم في يوم عيدهم، والتخلي الفعلي عن برامج البحرنة عبر ما يسمى بالتصريح المرن والسماح للشركات بجلب أي عدد من العمالة الأجنبية مقابل رفع الرسوم مما يعني أيضا التخلي عن شعار "البحريني أولا" الذي نادت به رؤية البحرين 2030، ومما يؤكد هذه الحقيقة أن العمالة الأجنبية لا تزال تمثل 69% من مجموع العمالة في البحرين وذلك بعد مرور 15 عاما على إصلاحات سوق العمل.
أما في جانب تحقيق برامج اجتماعية عادلة، فأننا نرى ونلمس لمس اليد التراجع الكبير في هذه البرامج. فبعد برنامج الحكومة الذي ركز على التوازن المالي وضحى في سبيل ذلك بالمكاسب الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين وغابت عن أهدافه العدالة الاجتماعية وتسبب في المزيد من المعاناة للمواطنين، جاءت سياسات الدولة خلال السنوات الأخيرة في هذه المحاور لتجسد على أرض الواقع السياسات النيوليبرالية، حيث تتلاشى ملامح الدولة الاجتماعية لتحل محلها دولة الجباية. وتعكس السياسات التي تطرقنا لها آنفا، علاوة على استمرار وتفاقم مشاكل البطالة والصحة والتعليم والسكن والتلويح ببرامج الخصخصة في هذه القطاعات الوجه السيء والمقيت لغياب العدالة الاجتماعية.
وللأسف فأن إعادة التموضع التاريخية هذه من الدولة الاجتماعية إلى دولة جباية الضرائب والرسوم يتم بمباركة وختم المجلس الوطني بغرفتيه لكي يضفي شرعية تشريعية ودستورية عليه، رغم إنه جوهريا يتعارض مع دور الدولة الذي نص عليه الدستور في مجال الوظائف والإسكان والصحة وغيرها.
إن التجمع القومي وفي هذه المناسبة العزيزة، وإذ يجدد وقوفه ودعمه الكامل للحركة العمالية في البحرين في كافة المطالب المشروعة التي تنادي بها، وفي مقدمتها مأسسة الحوار الاجتماعي عبر تأسيس المجلس الاجتماعي والاقتصادي الذي تمثل فيه كافة الأطراف المعنية بوضع السياسات الاجتماعية والعمالية والاقتصادية، وإعادة ممثلي العمال إلى كافة المؤسسات المعنية بالحقوق العمالية، فأننا نجدد مطالبنا في توفير العمل اللائق والأجور العادلة للحركة العمالية والسماح لها بتأسيس نقابات عمالية في القطاع الحكومي، مشددين على أهمية انتهاج الشفافية والكفاءة في العمل كمعيار للتوظيف بعيدا عن المحاباة والتهميش والتمييز بكافة أشكاله. كما نطالب بالعودة لبرامج البحرنة وفقا لخطط زمنية جادة وتوسيع وتعزيز شبكة الحماية الاجتماعية للعمال والمتقاعدين والفئات المحدودة الدخل. كما يدعو التجمع الحركة العمالية إلى الوحدة والمزيد من رص الصفوف وتوحيد كافة أطراف الحركة العمالية.
كما يحي التجمع القومي في هذه المناسبة المواقف الصلبة للحركة العمالة البحرينية في تقوية وتعزيز جبهة مقاومة كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني التي تتوالى فصولها حاليا في البحرين. ونحي بكل إكبار المواقف القومية الأصيلة التي عبر عنها شعبنا وقواه الوطنية والمدنية تجاه نصرة فلسطين ورفض كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.
في المقابل فأننا ندعو السلطة في هذه المناسبة مجددا إلى ضرورة اتخاذ العديد من القرارات العاجلة والعادلة التي من شأنها تبريد الأجواء ووقف المعالجات الأمنية، والتجنيس، وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وإعادة الجنسيات للمسقطة جنسياتهم، كذلك القرارات التي من شأنها تصحيح المسار الراهن سياسياً واجتماعيا وأمنيا، والدخول في مسار الحوار الوطني والمصالحة الوطنية اللذين باتا ضرورة يفرضها الواقع المأزوم من أجل الوصول إلى حياة سياسية واجتماعية أكثر عدلاً واستقرارا وقادرة في ذات الوقت على إعادة الروح إلى ميثاق العمل الوطني القائم على مبدأ الشراكة والمواطنة والعدالة والمساواة.
.
التجمع القومي
المنامة – الأول من مايو 2022