فلنحتفل بقول الصدق من أجل الوطن
منصور الجمري
أقيم أمس (16 ديسمبر/ كانون الأول) الاحتفال الرسمي بذكرى مرور أربعين عاماً على الاستقلال، وبذكرى مرور 12 عاماً على تولي جلالة الملك مقاليد الحكم وذلك في الساحة المحاذية لقصر الصخير، والمحاذية لـ «صرح الميثاق الوطني» وهو المتحف الذي يوثق العام 2001 الذي حصل فيه التصويت على الميثاق بنسبة 98.4 في المئة، وذلك بعد أن تضافرت الجهود الوطنية بصورة استثنائية، قادها جلالة الملك آنذاك، وخرج رموز المعارضة من السجن حينها ودعوا الشعب إلى التصويت بـ «نعم»، وهذا كان السبب في التعاضد الوطني الكبير بريادة مباشرة من العاهل الذي أفرح قلوب الناس بمبادرات نوعية سبقت الكثير من الدول في تلك الفترة.
«صرح الميثاق الوطني» لم يفتتح رسميّاً بعدُ، وكان من المفترض أن يفتتح في 2010، لكنه لم يفتح للجمهور إلى الآن، وبودي في الحقيقة لو يفتتح لكي نستذكر كيف كانت البحرين في 2001، وكيف كانت القلوب قد اجتمعت مع بعضها بعضاً، وكيف رفعت سيارة الملك في سترة، وكيف استقبل في المحرق والنعيم، وكيف عقدت ندوات تصالحية، وكيف خرج المعتقلون السياسيون من السجون، وكيف عاد المنفيون من كل مكان، وكيف استبشر الناس خيراً بإلغاء قانون أمن الدولة ومحاكم أمن الدولة، وكيف سمح للجمعيات الأهلية بالتأسيس، وكيف أفسح المجال للتجمعات السياسية بالانطلاق علانية، وكيف كانت الابتسامة تعم أرجاء البحرين في كل زاوية من زوايا الوطن.
بعد حضوري الاحتفال الرسمي خرجت بالسيارة، لكن الازدحام على شارع الزلاق كان بهيجاً بسيارات ترفع أعلام البحرين وهي فرحة. اتجهت بسيارتي نحو المنطقة الغربية، فانقلب المشهد عند وصولي إلى مقربة من المالكية وكرزكان. الساحة تشبه الحرب، وقوات الأمن أغلقت الشارع الرئيسي هناك، ولم أستطع الدخول الى المنطقة، وطلب رجل أمن مني الرجوع لأن المنطقة مغلقة. كنت على موعد آخر في المنطقة الشمالية، فاتصلت لأعتذر عن التأخير فكان محدثي يقول لي إنه ايضاً متأخر لأن المنطقة من الدراز الى أبوصيبع أشبه بساحة حرب أخرى، وهناك الحديث عن مزيد من الجرحى وقصص كثيرة قرأت بعضها على شبكة التواصل الاجتماعي.
إن من يحب البحرين يجب أن يصدق في القول، فأنا لا أستطيع الشعور بالفرح وشعبي منقسم بين من يرفع العلم مبتسماً، وبين من يرفع العلم ذاته لكنه يستنشق الغازات المسيلة للدموع أو ينزف منه الدم بسبب مصادمات أصبحت جزءاً من الحياة اليومية في مناطق عديدة.
لقد أنهك بلادنا أولئك الذين منعوا الحريات العامة ومنعوا التحدث بصراحة عما يجري، فأصبح لدينا عدد لا يحصى من المشاكل، ومن ثم تطورت الى اضطرابات سياسية، وامتلأت السجون، وسقط الشهداء وفاضت المنافي مرة أخرى.
ربما ليس لدينا الوقت للتباكي على ما حدث، لكن من حقنا أن نأمل بأن نحتفل كوطن واحد كما حدث في 2001، وهذا يحتاج الى جهود مضاعفة وإرادة فولاذية وإجراءات تصحيحية وعدالة انتقالية لإصلاح الوضع بما يتماشى مع ميثاق العمل الوطني والمبادئ السبعة لولي العهد وتوصيات لجنة بسيوني التي تحتاج إلى تنفيذ سريع لا يحتمل التأخير يوماً آخر
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3388 – السبت 17 ديسمبر 2011م الموافق 22 محرم 1433هـ