عيسى سيار
لا أعلم إن كانت تجوز صلاة الميت على برلمان مملكة البحرين أم يترك في العراء من دون صلاة لأنه لا يستحق حتى أن يصلّى عليه! لذا أترك الأمر لأهل الفتوى! بس أهل الفتوى المستقلين.
منذ أن بدأت الكتابة في الصحافة لم أكتب على الإطلاق مباشرةً عن برلمان الشعب رغم إنني تناولت بعض مواقف هذا البرلمان المشينة والمسيئة لمعيشة المواطن وللتاريخ النضالي للشعب البحريني لسبب واحد وهو إن هكذا برلمان لا يستطيع حتى كفّ الأذى عن نفسه وعن رجولته وفحولته، لا يستحق أن يُكتب عنه أو أن يُنتقد، ففاقد الشيء لا يعطيه. ولا داعي لأن أذكّركم بما قالته عنكم وزيرة الثقافة، ولا تقولوا لي زلة لسان غير مقصودة من الوزيرة، لأنكم (تسوّونها) وما عليكم زود في هالسوالف والتخريجات!
فالبرلمان وحتّى عندما دخلت تحت قبته المعارضة من خلال 18 نائباً، وعلى قاعدة درء المفاسد، لم يستطع حتى أن «يكش» بعوضة وقد اعترفت المعارضة بذلك! أتعلمون لماذا؟ لأن «ترزية» الفقه الدستوري فصلوه على المقاسات التي طلبت منهم بحيث يكون في الشكل برلماناً، وفي المضمون ليس بأكثر من هيئة تابعة للسلطة التنفيذية، وحتى لا نقذف بالحجارة كما يحصل لنا بعد كل مقال، إليكم غيضاً من فيض لبعض الأدلة القطعية التي لا يرقى إليها الشك والمواقف المشينة والخنوعة الموثقة لمخرجات برلمان «الشور شورك يايبه»، على مدار أكثر من عقد من الزمان. برلمان يمكننا أن نسميه «حارة كل مين إيدوه إلوه» كما ردّدها غوار الطوشي في مسلسل «صح النوم».
أتذكرون… فالذكرى تنفع المؤمنين، ملف فساد التأمينات الاجتماعية والتلاعب بأموالها واستثماراتها، هذه الهيئة التي هي ملكٌ لعمال البحرين فهي تحتوي على شقاء عمرهم؛ وكذلك ملف فساد ألبا/الكوا الذي تورّط فيهما مسئولون حكوميون رفيعو المستوى، أتعلمون ماذا حصل في هذين الملفين؟ لقد تم غلق الملفين بسرعة البرق بعد أن قدمت «الشرهات» (و»الشرهة» في لهجتنا المحلية تعني إن من «يزعل» يسكتونه بالمال أو العطايا العينية كالأراضي أو بالمناصب لأهله وربعه)! قدمت تلك الشرهات لجمعية سياسية لها نواب في البرلمان وذهبت مصالح العمال وشقاء عمرهم أدراج الرياح. حينها عرفنا إن الحكومة هي سبب العجز الإكتواري والارتوازي للهيئة! أما «ألبا» فقد تم تسوية الملف مع الشركة الأميركية التي دفعت الرشاوى بثمن بخس وكانت الحكومة فيه من الزاهدين!
أتذكرون… كيف تم طيّ ملفي فساد طيران الخليج ومستشفى الملك حمد الجامعي من قبل البرلمان؟ هل يعقل مشروعٌ تكلفته 18 مليون دينار يقفز بقدرة فاعل إلى ما يقارب الـ 120 مليون دينار! ألم يشكّل برلمان «العازة» لجنتين نوعيتين للملفين وأثبتت تحرياتها وما وقع في يدها من أدلة، بأن هناك فساداً تورّط فيه مسئولون حكوميون كبار وقيادات في طيران الخليج، وأيضاً من أشرف على بناء مستشفي الملك حمد. لقد تم وضع التقريرين في أرشيف البرلمان العتيد للتاريخ وللديكور! أليس هذا صحيحاً أيها النواب الأشاوس؟
أتذكرون… ملف الاستيلاء غير المشروع من قبل متنفذين لا يزيد عددهم عن أصابع اليدين، على أكثر من 60 كيلومتراً مربعاً من المخزون الاستراتيجي من أراضي البحرين، وعليكم يا أصحاب الدخل المحدود القبول بالفتات وبيوت الإسكان (قواطي الطماط)، والتي عليكم دفع قيمتها والفوائد عليها لمدة ربع قرن و… عيّدي يا بلادي.
أتذكرون… كيف قام عددٌ من النواب بتقبيل أحد الوزراء على رأسه و»خشمه» وكتفه، ولم يبقي إلا تقبيل يده عندما نجا من استجواب الغرفة المغلقة بشأن تورطه في ملف فساد سياسي، فما بالك لو نجا هذا الوزير من استجواب المنصة وهي مستحيلة في ظل هكذا برلمان؟ أعتقد سوف يتم حمله على الأكتاف واللف به في أروقة برلمان الشعب كما يحمل اللاعبون المدرّب عند الفوز بالكأس! بالله عليكم هل رأيتم في حياتكم هكذا نواب شعب يتمرغون في أوحال الحكومة؟ هل يستطع هكذا نواب أهدرت كرامتهم مرات… الدفاع عن مصالح الأمة؟
أتذكرون… عندما رفض نواب الشعب المكلّفون بحماية مال الشعب، تشكيل هيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد والتي تنص عليها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي وقعت عليها مملكة البحرين، معللين رفضهم بوجود إدارة مستحدثة لمكافحة الفساد بوزارة الداخلية! وهنا نسألهم هل في عمركم رأيتم حكومة «تطز» عينها بيدها؟ أي هل إدارة مكافحة الفساد مثلاً سوف تلاحق المسئولين الحكوميين المتورطين في قضايا فساد تمثلت في مخالفات قانونية وتجاوزات إدارية ومالية أدت إلى الاستيلاء غير المشروع على المال العام والمساهمة في إهداره كما ورد ذلك في تقارير ديوان الرقابة التسعة العتيدة. أجيبوني أيها النواب المغاوير إن كنتم تملكون الشجاعة!
وأخيراً… ماذا أنتم فاعلون أمام تعنت الحكومة ورفضها تحسين أحوال المواطنين؟ هل زيارة الوفد البرلماني لغزة حق يُراد به باطل، وهو من أجل تمرير الموازنة ورفع الحرج عنكم؟ إفعلوا شيئاً مفيداً ولو لمرةٍ واحدةٍ للمواطن الضائع والغريب في وطنه. لقد بلغ السيل الزبى، ولقد أثبتم أنكم غير قادرين حتى على سحب الثقة من فراش وزير. لذا قرّر الشعب البحريني سحب الثقة منكم حتى وإن استمررتم على مقاعدكم والتي أصبحت بريئةً منكم كبراءة الذئب من دم سيدنا يوسف.
أتذكرون… وتذكرون… السالفة طويلة يا جماعة الخير، ولكن هذا هو حال من جعل نفسه «سبوساً»، ألم أقل لكم سوف يصبح ريموتاً، ولم يبق للشعب البحريني إلا الاستقواء برب العالمين لأن الشكوى لنواب «العازة» مذلة. وبعد كل ذلك لازلنا لا نعلم إن كانت صلاة الميت جائزة على هكذا برلمان… فمن يرفع الشراع؟