منصور الجمري
نحتفل في 3 مايو/ أيار من كل عام باليوم العالمي لحرية الصحافة، وهي مناسبة تتخذها المؤسسات الدولية مثل اليونسكو، والمنظمات الحقوقية لتقييم وضع البلدان بالنسبة لمستوى حرية الصحافة وحرية التعبير مقارنة مع الضوابط المعترف بها دولياً، وذلك لأن حرية الصحافة جزء لا يتجزأ من الحق في حرية التعبير، وهو أحد الحقوق الأساسية لكل إنسان على وجه الأرض. وفي مثل هذا اليوم نستذكر تضحيات العديد من الصحافيين الشجعان الذين تعرضت حياتهم للخطر بسبب نقلهم الأخبار اليومية بصدق واحتراف وإخلاص.
لقد طرح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في كلمة له في 13 سبتمبر/ أيلول 2011 مفهوماً جديداً يتعلق بدور الصحافيين. ففي اجتماع عقد في باريس في ذلك التاريخ جمع وكالات الأمم المتحدة لبحث القضايا المتعلقة بسلامة الصحافيين وضمان عدم إفلات من يعتدي على الصحافيين من العقاب، أيد بان كي مون وضع خطة عمل لحماية الصحافيين من خلال إقامة شراكة واسعة بين المؤسسات الدولية والإقليمية، والمنظمات المهنية والمنظمات غير الحكومية ذات الخبرة في هذا المجال، معتبراً أن حرية التعبير وحرية الصحافة هي من بين أسس الديمقراطية والسلام، وأن الاعتداءات على الصحافيين إنما هي اعتداءات على كل ما تدافع عنه الأمم المتحدة… وأنه لا يمكن أن تكون الصحافة حرة إذا كان الصحافيون والإعلاميون يتعرضون لهجوم واعتداءات، وأنه «ليس أمامنا سوى أن نضع حدّاً لإفلات المعتدين على الصحافيين من العقاب».
الفكرة التي تحاول الأمم المتحدة تطويرها تتعلق بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1738 الذي صدر في 2006، وهذا القرار يدين الهجمات المتعمدة ضد الصحافيين ومهنيي وسائل الإعلام والأفراد المرتبطين بهم في حالات النزاع المسلح، ولكن حالياً هناك توجه لحماية الصحافيين حتى في الحالات التي لا يتواجد فيها نزاع مسلح، وذلك – بحسب بان كي مون – لأن الغالبية العظمى من الذين قُتلوا أو جرحوا أو تعرضوا لمضايقات واعتداءات من الصحافيين ليسوا هم الذين يعملون في ظروف النزاع المسلح، بل هم الذين يمارسون عملهم الصحافي محلياً في بلدانهم لمتابعة قصص إخبارية في زمن السلم، قصص تتعلق بالفساد والظلم، وهو الأمر الذي يتسبب في ردود فعل عنيفة من أصحاب المصالح المتضررة من عمل الصحافيين. وبان كي مون أشار حينها إلى أن وسائل الإعلام تقوم بعمل «لا غنى عنه نيابة عن البشرية».
في اليوم العالمي لحرية الصحافة تتجدد الدعوة إلى تعزيز صحافة مستقلة وتعددية وحرة تساهم مباشرة في تطوير والحفاظ على الديمقراطية وتساهم في التنمية الاقتصادية، ولقد أصبحت الصحافة اليوم مع تطور الإعلام الجديد ممارسة يومية ليس فقط للصحافيين والإعلاميين المحترفين وإنما لعدد كبير جداً من المواطنين العاديين في كل أنحاء العالم، يستطيعون من خلال وسائل التواصل الاجتماعي نقل الخبر والمعلومة والصورة والفيديو عما يشاهدونه يومياً، وأن يساهموا بتعليق أو فكرة في الدفاع عن قضية أو في التنبيه إلى موضوع يهم أي شخص في أي مكان في العالم. ولأننا نعيش في عالم منفتح على الآخر، فإن من يؤمن بالتعددية وبالكرامة والحرية يمارس عملاً صحافياً حراً «نيابة عن البشرية» ولذلك يستحق مثل هؤلاء حماية المجتمع الدولي.