منصور الجمري
جاء المؤتمر الصحافي لقوى المعارضة أمس ليوضح موقفها من الحديث المتكرر عن الحوار الذي قد يبدأ في وقت ما من أجل لمِّ الشمل وحلِّ الأزمة السياسية. وكان الحديث عن احتمال البدء بحوار قد بدأ بعد اجتماع في الأسبوع الأول من فبراير/ شباط جمع وفداً من جمعية الوفاق بوزير الديوان الملكي، وبعد ذلك تسلّمت جمعيات المعارضة ورقةً كُتب عليها «الأرضية المشتركة التي يقوم عليها استكمال الحوار الوطني فيما لم يتم التوافق عليه»، وأنّ هذه الأرضية هي «ميثاق العمل الوطني وما دخَل من تعديلات على الدستور، دستور المملكة، ميثاق مجلس التعاون وما يدعو إليه من توجُّه للاتحاد، ما تمَّ الاتفاق عليه في المحور السياسي للتوافق الوطني لا يُمَس وفي الإمكان البناء عليه».
بالنسبة إلى المعارضة، فإنّ ما ذُكر أعلاه يُعتبر شروطاً مسبقة لأيِّ حوار محتمل، ولاسيما أنّ حملة صاحبت الحديث عن حوار تشترط شرطاً إضافيّاً وهو أنْ «تعتذر» المعارضة، والبعض ذهب إلى أبعد من ذلك في خطابات تصعيدية. ولعلَّ هذه هي المرة الأولى التي لا تستعجل المعارضة في الرد على ما تراه سلبيّاً وغير منطقيّ، وكان ردُّها من خلال تصريحاتها أنها تعتمد على أسُس مُعلَنة وهي «مبادرة سمو ولي العهد، ميثاق المنامة، تنفيذ توصيات لجنة تقصّي الحقائق»، على أن يكون كل ذلك على أساس واضح من ناحية المحاور والجدولة الزمنية، وأن يشمل الحوار مختلف الأطراف الفاعلة في الساحة بمن فيهم من يقبع في السجن حاليّاً، وأن تُكلَّل نتائج الحوار بموافقة شعبية عبر استفتاء عام.
ويوم أمس جاء المؤتمر الصحافي ليوضح لأول مرة واقع الأمر من وجهة نظر قوى المعارضة ذاتها، إذ أكدت استعدادها للحوار مع السلطة لإخراج البحرين من الأزمة السياسية، وطالبت بتحديد إطار واضح للحوار وبعرض نتائجه للاستفتاء، لأن «المعارضة تتطلع إلى حوار جادّ تحظى نتائجه بموافقة الشعب»، وأن «الجمعيات السياسية المعارضة ترحب بالحوار الجادّ ذي المغزى الذي ينبغي أن يفضي إلى حلٍّ سياسيٍّ توافقيًّ شامل ودائم يحقق العدالة والمساواة ويحفظ مصالح أبناء البحرين بجميع مكوناتهم ويُخرج بلادنا من الأزمة السياسية الدستورية التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عام».
الجمعيات السياسية المعارضة الخمس (الوفاق، وعد، القومي، الوحدوي والإخاء)، قالت أمس إنّ أيَّ حوار جادٍّ يتطلب التوافق بين طرفيه على أجندته وآلياته ومدته الزمنية ليساهم ذلك في إعطاء الثقة الأولية بجدية هذا الحوار، وإنّ المعارضة «تؤمن بحق جميع الأطياف، بما فيها الرموز المعتقلة، الاشتراك في الحوار، وأن يتم هذا الحوار عبر لقاء ممثل عاهل البلاد المفوَّض بالحوار مع أطراف المعارضة على انفراد وله أن يجتمع مع غيرها بالشكل الذي يراه مناسباً حتى يتم التوافق التام عبر اللقاءات المنفردة وعند تحقق التوافق يمكن عقد اجتماع عام للإعلان عن ذلك».
الخطوة التوضيحية التي أقدمت عليها قوى المعارضة مهمّة في هذه الفترة بالذات، ونأمل أن نتعوَّد جميعاً على سماع التوضيحات المباشرة من دون الحاجة إلى تسريبات وإشاعات تزيد الجرح ألماً بدلاً من مداواته، ونحن جميعاً نأمل في حوار ذي مغزى يُخرجنا من الأزمة السياسية بشكلٍ فعليٍّ ومستدام.