هاني الفردان
وقعت يوم السبت الماضي مناوشات أمنية بين محتجين وقوات الأمن في منطقة سترة، نتج عنها بحسب بيان وزارة الداخلية، إصابة اثنين من «الإرهابيين».
جاء بيان الداخلية ليتحدث عن أن «الإرهابيين أصابوا اثنين من المشاركين معهم» إثر هجومهم على مركز شرطة سترة.
وزيرة الدولة لشئون الإعلام المتحدث الرسمي باسم الحكومة سميرة رجب أوضحت أيضاً في أول مؤتمر صحافي عقب جلسة مجلس الوزراء يوم الأحد (7 أبريل/ نيسان 2013) أن المصابين «شاركا في هجوم بالمولوتوف المكثف على مركز شرطة سترة، وحتى الآن حالتهما مستقرة، ولكن كل المؤشرات تشير إلى أن إصابتهما كانت بأجسام كانت في أيديهم (المهاجمين)، وهم يحملون الأسياخ والحديد». وبهذا البيان أخلت الحكومة ووزارة الداخلية ساحتهما من الإصابة، وأخرجتا نفسيهما من تبعات أي أمر قد يحدث. وفي اعتقادنا أنه لن يحدث أبداً، إذ لم نشهد من قبل أية تبعات لحوادث اعترفت بها الحكومة أو الوزارة أو أنكرتها.
الغريب في بيان الداخلية الذي نقل على لسان مدير عام مديرية شرطة المحافظة الوسطى أنه تراجع عن تغريدة بثتها الوزارة على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، وأكدت فيها «إصابة إرهابي بجسم صلب من قبل مجموعة إرهابية أثناء مشاركتهم بالهجوم على مركز شرطة سترة وتم نقله إلى المستشفى بسيارة الإسعاف لتلقي العلاج». ولم يتضمن البيان كيف تمت الإصابة، رغم تأكيدها في تغريدتها أن الإصابة كانت بـ «جسم صلب»، إلا أنها تراجعت عنها بعد ذلك، لتجعل الأمر «مبهماً».
أحد المصابين وهو حسين الحلال (36 عاماً) أصيب بحسب رواية أهله بالرصاص الانشطاري (الشوزن)، وهذا أمرٌ لا يمكن تكذيبه، فالتقرير الطبي سيكتشفه بسهولة، لوجود كريات الحديد الصغيرة، فيما أصيب حسين كاظم عبدالله (16 عاماً) بطلقة مسيل دموع في رأسه، وذلك أيضاً بحسب رواية الأهل.
قد يخرج بيان جديد، يتحدّث فيه عن أن طلقات «الشوزن»، لا تتطابق مع الطلقات الموجودة لدى وزارة الداخلية، ومن ثم قد يكون نتاج صنع محلي، وقد يتم الحديث عن أن إصابة الغاز المسيل للدموع، هي «إصابة الجسم الغريب»، إذ إن هذه الحادثة تكرّرت من قبل مع حادثة الشهيد علي الشيخ الذي عرف بـ «شهيد العيد»، إذ خلصت الجهات الأمنية والقضائية إلى أنه «بعد فحص جثة المتوفى علي جواد أحمد وجود أثر إصابي تكدمي بخلفية العنق مستطيل الشكل أطوال ضلعيه تسعة سنتيمترات طولاً وثلاثة سنتيمترات عرضاً، وهذا الشكل من الإصابة لا يجوز حدوثه فنيّاً من المقذوفات المسيلة للدموع». وبالتالي من المتوقع أن إصابة كاظم، شبيهة بإصابة علي الشيخ، وأن ما تعرض له «فنياً» لا يجوز حدوثه من المقذوفات المسيلة للدموع.
أعتقد أن تغريدة وزارة الداخلية، وبيانها الصحافي، صدرا قبل أن ينتشر المقطع المصوّر الذي سجّل سقوط أحد الشابين، ومن خلال مشاهدة المقطع يتضح حدوث إطلاقٍ من جانب، وشباب يركضون هرباً من الطلق، فيما سقط شابٌ كان في محاولة الهروب. ومن خلال المقطع الذي يحكي بنفسه المشهد، ولا يحتاج إلى تفسير، تتضح الصورة كثيراً بشأن من صوّب عليه، حتى وإن لم يظهر في الصورة بشكل واضح وجلي، وهل كان التصويب من الأمام، أم الخلف؟ ومن هم موجودون في الأمام؟ ومن هم موجودون في الخلف؟
سيناريو الإصابات المباشرة التي تستهدف الجزء العلوي من الجسم، يتكرّر كثيراً، رغم منع هذا النوع من الاستهداف المباشر في حال تفريق المحتجين، إذ ثبتت الإصابتان التي أعلنت عنهما وزارة الداخلية، وقوع الإصابة بشكل مباشر في الرأس.
قد ندخل في المرحلة المقبلة، إلى لغة جديدة من التبريرات، فبدلاً من الحديث عن أن الموت كان بسبب مرض «السكلر»، أو «هبوط في الدورة الدموية»، أو من قبل مجهولين، ومن بعدها «رصاص» و «شوزن» لا يطابق ما لدينا، وإصابات لا يمكن أن تكون ناتجة عن «مقذوفاتنا»، إلى الحديث عن إصابات بـ «نيران صديقة»، ورصاص و «شوزن» محلي، وقد نجد أنفسنا في يومٍ من الأيام وقد وصلنا إلى بيانات تتحدّث عن تبادل لإطلاق نار، ومن ثم كلاشنكوفات وصواريخ، و «آر بي جي»… والله يستر، ألا نصل للحديث عن مدرعات ودبابات وكل ذلك من صنع محلي طبعاً!
في جانب آخر، لا نستغرب أنه بعد عام كامل على استشهاد صلاح حبيب في منطقة الشاخورة ورمي جثمانه على سطح منزل، أن يُحال للمحكمة فقط شرطي واحد، وكلنا يعلم بأن قوات الأمن لا تتحرك بشكل منفرد، بل عبر مجموعات يقودها ضابط، هو من يصدر الأوامر سواءً كانت بالانسحاب، أو الهجوم أو الضرب وغيرها من الأمور.
شرطي واحد أطلق رصاصتي شوزن على الشهيد، ونقل الجثمان إلى سطح مبنى في مزرعةٍ بالشاخورة وكل ذلك في وقت متأخر من الليل؟ سؤال يحتاج إلى جواب.
في المقابل، تأتي قضايا الشروع بقتل شرطة بما لا يقل عن عشرة متهمين فأكثر، وبأحكامٍ لا تقل عن عشر سنوات. إنها المعادلة التي لا تحتاج إلى جواب.