هاني الفردان
أصبح من المعتاد عندما يتابع القارئ البحريني أو حتى المقيم في البحرين بيانات وزارة الداخلية وخصوصاً تلك المتعلقة بالأحداث التي تشهدها البحرين منذ أكثر من عام، ملاحظة تكرار لفظين مهمَّين جدّاً في أدبيات الوزارة، ألا وهما: «المجهولين» و«المخربين».
ربما من محاسن الصدف أن يجمع بيان واحد لوزارة الداخلية (البيان المتعلق بقضية حادثة الطفل علي السنكيس بمنطقة السنابس) اللفظين في آن واحد، إذ إن هذا البيان جمع النقيضين في حادثةٍ ربما لن تتكرّر أبداً!
فقد جاء في بيان الداخلية «إن الأجهزة الأمنية المختصة؛ انتقلت على الفور إلى موقع الحادث (حادث طفل السنابس) للمعاينة واتخاذ الإجراءات اللازمة لكشف ملابسات واقعة قيام «مجهولين» بالاعتداء على الطفل، في تلك الأثناء – بحسب بيان الداخلية – قامت مجموعاتٌ من «المخرِّبين» بالاعتداء على رجال الأمن لمنعهم من أداء واجبهم المنوط بهم.
من خلال بيانات الداخلية وأدبياتها المتكرّرة في ظل الأحداث التي تشهدها البحرين؛ يتكرّر لنا مشهد استخدام لفظين، الأول «مجهولين» والثاني «مخربين»، ومن خلال هذين اللفظين يمكن لأي متتبع وبسهولة معرفة مجريات سير القضية، وإلى أين ستئول، وكيف ستنتهي، والمتهمين فيها وكل ما سيجري بعد ذلك، لقوة مدلول هاتين المفردتين في الوضع السياسي البحريني!
فالعادة علمتنا سرعة القبض على المخربين واعترافهم، وإحالتهم إلى النيابة العامة بسرعة مع إصدار قرار توقيفهم على ذمة القضية، لأن لفظ «المخربين» واضح، فهم معروفون لدى الأجهزة الأمنية بشكل عام!
أما لفظ «المجهولين» فالمعنى فيه واضح جدّاً، ولا يحتاج إلى تفسير ولا بصيرة ثاقبة، فهم مجهولون، صعبٌ التعرف عليهم، ويكون مردّ القضية في هذه الحالة إلى النسيان لعدم التعرّف على الجناة! أو لتضارب أقوال المجني عليه والشهود! أو لأي سبب آخر! المهم أنهم مجهولون منذ بداية القضية، وسيكون كذلك حتى تُنسى ويوضع ملفها على الرفِّ، إن كان لها ملف مع جملة الملفات التي شهدناها طوال أكثر من عام.
لا أريد أن أستطرد في هذا الملف كثيراً لوضوحه، ولكن سأطرح مثالين متقاربين جدّاً، إذ إن حادثة الاعتداء على منزل الناشطة السياسية منيرة فخرو (معارضة) أصبح في طيِّ النسيان، ومن جانبٍ آخر؛ فإن حادثة الاعتداء على منزل «موالية» فإن الجناة «المخربين» تم القبض عليهم، واعترفوا والآن هم أمام القضاء!
باختصارٍ شديد؛ إن كنت تريد معرفة سير أية قضية فانظر إلى بيان الداخلية وما هو مكتوب فيه: «مخربين» أم «مجهولين»؟ لتكشف بذاتك ومن الوهلة الأولى مصيرها وإلى أين سيكون طريقها!