في هذه اللحظات التاريخية والمصيرية من حياة أمتنا العربية والإسلامية تمر علينا الذكرى الأولى لسقوط بغداد – قلب العروبة النابض مدينة السلام وحاضرة الخلافة الإسلامية – في التاسع من أبريل 2003 بعد أن تعرض العراق إلى عدوان انجلو أمريكي صهيوني واجتاحت جحافل الشر والبغي أرضه الطاهرة.
تمر هذه الذكرى – الفاجعة – بكل ما تحمله من دلالات وما تؤشر له من بدء فصل جديد في تاريخ العراق والأمة العربية والإسلامية في مواجهة أعدائها التاريخيين من إمبرياليين وصهاينة، والإعلان عن مرحلة أخرى من مراحل معارك التحرر الوطني والقومي التي تخوضها أمتنا ضد الاستعمار الأمريكي الصهيوني في العراق وفلسطين وفي كل جزء من أرض العروبة خاضع للاحتلال.
أننا نعيش اليوم هذه الكارثة القومية وسط واقع عربي تخيم عليه حالة من الضعف والهوان، بين أنظمة عربية عاجزة مستسلمة لإرادة العدوان والقهر الأمريكي وجماهير تتطلع إلى تضميد جراح الكرامة العربية التي أصيبت بها الأمة جراء هذا العدوان الغاشم واحتلال أرض بلد عربي طالما كان يمثل قوة رادعة في وجه أعداء الأمة وعوناً لكل قضاياها المصيرية. وما يزيد من عمق المأساة ويضاعف من حجم المرارة هو أن هذا الزلزال القومي وانعكاساته الخطيرة على حاضر ومستقبل الأمة قد حدث بفعل التواطؤ والتسهيلات التي قدمت بأشكال مختلفة من قبل بعض الدول العربية لاحتلال العراق وسقوط عاصمته بغداد بهذا الشكل المفجع الذي أفضى إلى تدمير هذا البلد وقتل شعبه بصورة وحشية لم يشهد لها التاريخ مثيلا.
وها نحن نرى اليوم المخططات الأمريكية التجزئيية للعراق، ومحاولات طمس هويته العربية، ونهب خيراته وثرواته، علاوة على مشاهد القتل والترويع والدمار التي تتكرر على يد الغزاة المحتلين حيث يذبح الشعب العربي في العراق وسط صمت العالم وتفرج الدول العربية المشلولة الإرادة إذ تقوم قوات الاحتلال والعدوان الأمريكي وحلفائها بارتكاب أبشع الجرائم في الكثير من مدن ومحافظات العراق التي تتعرض إلى قصف وحشي وعشوائي باستخدام الطائرات والدبابات ويسقط خلالها العديد من الشهداء والجرحى وتهدم المنازل والأحياء على رؤوس الناس الأبرياء من أجل القضاء على المقاومة الوطنية التي تجرع القوات الغازية كوؤس المنايا اليومية، يحدث ذلك في الفلوجة الباسلة الصامدة كما يحدث في بغداد والنجف والبصرة والرمادي وكركوك والكوت والعمارة والناصرية وغيرها من مدن العراق الصابر. حيث صارت المقاومة العراقية الباسلة اليوم أكثر قوة واتساعاً في وجه الاحتلال، مما يجعل من معارك هذه الأيام الخالدة حالة تصاعدية في المواجهة التاريخية مع أعداء العراق والأمة العربية وتؤذن بأن يكون العراق نموذجاً لحسم هذه المواجهة بانتصار الشعب العربي في العراق وفي فلسطين واندحار الباطل والعدوان الأمريكي الصهيوني وإفشال كل مشاريعه ومخططاته الإجرامية ليس في العراق فحسب بل في كل أرجاء الوطن العربي وفي العالم.
تحية للمقاومة الباسلة في العراق وفي فلسطين.
عاش العراق حراً موحداً أبياً ومقاوماً.
المجد لشهداء الأمة العربية في كل ساحات البطولة والشرف.
حرر في المنامة – 9/أبريل 2004