قاسم حسين
يلتقي غداً فريقان من البحرين في ملعب حقوق الإنسان في جنيف بسويسرا، أمام دول العالم، التي تسعى لمعرفة ما تمّ تطبيقه فعلاً من توصياتها الـ 167 التي أصدرتها قبل ثلاثة أشهر.
الفريقان استعدا لهذه المنازلة مباشرةً بعد اختتام جلسة مراجعة تقرير أوضاع حقوق الإنسان في البحرين، فأعدا واستعدا لهذا اليوم التاريخي العصيب!
الفريق الرسمي كان في تشكيلته السابقة مكوّناً من نحو أربعين شخصاً، يعملون في مؤسسات حكومية غالباً، أو في منظمات «حقوقية» تم تشكيلها مؤخراً لأداء دورٍ مساندٍ لعمل السلطة والتشويش على أية تحركات للمعارضة في هذا الميدان. وهي منظماتٌ أطلِقَت في دول العالم الثالث واشتهرت باسم «الغونغو
التشكيلة الجديدة للفريق الحكومي تضاعف مرة ونصف المرة، وهناك تقديراتٌ بأن يبلغ العدد مئة شخص، ما يحتاج إلى طائرةٍ خاصة. ويضم هذه المرة مسئولين حكوميين على مستوى وزير، وما دون ذلك، مع عددٍ أكبر من الجمعيات المذكورة أعلاه.
الجديد في التشكيلة، إضافة لاعبين من اختصاصاتٍ أخرى ليس لهم علاقة بالسياسة ولا حقوق الإنسان. فقد تسرّبت معلومات عن إلحاق نواب يُفترض أنهم «مستقلون»، ويمثّلون وجهة نظر الشارع البحريني لا الحكومة.
الطرف الآخر الذي تم إقحامه في هذا الموضوع الحقوقي، هو التجار، إذ تسربت معلوماتٌ عن إلحاق الغرفة بالوفد عبر بعض أعضائها، وهي عملية «تسييس» فاقعة للقطاع التجاري الذي كُتبت مئات المقالات في العامين الأخيرين عن ضرورة عدم تسييسه! ونفاجأ اليوم بزجّ هذه الغرفة في لجّة الخلافات السياسية، مخالفةً في ذلك أعرافها وتقاليدها الراسخة منذ تأسيسها قبل قرن، وخصوصاً أنها كانت من التنظيمات التي اعتمدت آلية الانتخاب لإدارتها، قبل خمسين عاماً من تشكيل الدولة الحديثة.
من التسريبات أيضاً أن الوفد سيضم بعض مشايخ الدين، وهو أمرٌ ينظر إليه الكثيرون على أنها جوائز ترضية سياسية، وخصوصاً أن الأسماء المسرّبة ليس لها تاريخٌ يذكر في مجال السياسة، ولا الفقه الديني ولا حقوق الإنسان. ويُنظر على نطاقٍ واسعٍ إلى عملية الزجّ بهم في هذا المعترك السياسي على أنه استخدامٌ لأوراقٍ محروقةٍ أصلاً، على طريقة «ما زاد حنّون في الإسلامِ خردلةً… ولا النصارى لهم شغلٌ بحنّونِ»!
إلى جانب نواب وتجار ومشايخ دين مغمورين، هناك تسريباتٌ عن إلحاق أفرادٍ من جالياتٍ أجنبيةٍ، للزجّ بهم في هذا المعترك السياسي الذي تحوّل إلى منازلةٍ حقوقية كبرى. وهو أمرٌ يثير الكثير من علامات التعجب والاستغراب، ويُعتبر خطأً سياسياً كبيراً، باعتباره إقحاماً للوافدين في شأن وطني داخلي، بينما ظلّ مثقفو الخليج يحذّرون منذ ثلاثين عاماً من نفوذ العمالة الوافدة وتأثيرها على الأوضاع ومستقبل الأجيال القادمة.
وقد وصل الأمر إلى تشكيل لجان متابعة في برلمانات عددٍ من هذه الدول المصدرة للعمالة لمتابعة أوضاع مواطنيها في دول الخليج، وهو أمرٌ شكت منه مختلف دول الخليج، بينما نحن في البحرين نذهب إلى إقحام هذه الجاليات التي تزيد عن نصف السكان، وتنشيط دورها وزيادة حضورها في سياستنا الداخلية، بما يذكّر بتنشيط بعض الفئات غير المسيّسة سابقاً، وتحويلها إلى قوى متحركة لمعارضة المعارضة، فارتدّت اليومَ إلى مناكفة السلطة، تتصيّد عليها أخطاءها وتمارس عليها ضغوطها وتمنّ عليها بأفضالها بين يومٍ وآخر.
هذا عن تشكيلة الوفد الرسمي واستعداداته لواقعة جنيف… فماذا عن تشكيل الوفد الأهلي واستعداداته؟ للحديث بقية في الكأس.