حسن المدحوب
قبل أيام صحت البحرين على فاجعة مقتل الشاب المطلوب في قضايا أمنية والمحكوم عليه 15 عاماً، حسين مهدي حبيب على ساحل المالكية، في ظروف وُصفت من قبل الكثيرين بالغامضة.
وليس شأننا أن نلقي التهم على أية جهة كانت، فالموضوع بات في يد النيابة العامة والجهات الأمنية التي أعلنت القبض على خمسة مشبه بهم في الحادثة، غير أننا نأسى كثيراً على استمرار نزيف الدم البحريني أياً كانت الدوافع والمبرّرات والأسباب والجهات التي قامت بذلك.
ظر عن هذه الحادثة، إلا أننا نحزن كبحرينيين عندما نسمع عن وقوع ضحايا من أية جهة، لأننا لا نؤمن بالعنف طريقاً ومنهجاً وفكراً، وندينه ونشجبه، ونعتقد أن الخلافات سواءً أكانت سياسية أو فكرية أو غير ذلك، يجب أن تُحلّ بالحوار الجاد الذي يوفّر على البلاد والعباد المزيد من المآسي والآلام.
البحرين فقدت الكثير من شبابها في الحراك السياسي الممتد على مدى عقود، وخلال الأزمة الحالية التي تعيشها البلاد منذ أكثر من عامين، ذهب الكثير منهم ضحايا، والنتيجة التي وصلنا إليها أن الأمور ظلّت على حالها، فلا المطالبات الوطنية تراجعت عن طموحاتها نحو الديمقراطية والمساواة والنزوع نحو العدالة والحرية، ولا الحل الأمني استطاع أن يسكت تلك المطالبات، وبات الجميع يترقب مخرجاً لما آلت إليه الأوضاع في البحرين.
أسوأ من حوادث وقوع الضحايا، على ما فيها من آلام وأحزان، هو إبداء الشماتة وبثّ نزعات الحقد والكراهية فيها، لأنها حالةٌ تثير الاشمئزاز والغثيان في مجتمع صغير بحجم البحرين، فالألم الذي يخلّفه موت شاب أو يافع بحريني، ألمٌ كبيرٌ بلا شك، ولا أحد يحب البحرين يريد أن يسمع أو يقرأ المزيد عن ذلك، لكن الألم الأكبر عندما تجد من يفرح ويشمت يدقّ الزار، أمام مشاهد الدم والرؤوس المهشمة والجثث الهامدة التي باتت أمام بارئها.
نقولها صادقين، رأفةً بالعباد والبلاد، يكفينا استمراراً لنزيف الدم. يكفينا كل الجراحات التي ملئت بها بيوت البحرينيين. يكفينا كلّ الأحزان التي سكنت في النفوس والأفئدة، فقلوب البحرينيين لا تتحمل المزيد من كل ذلك.
فلتذهب البحرين إلى الحل السياسي العادل الذي يكفل للجميع حقوقهم، دون غلبةٍ أو استئسادٍ لفئةٍ على أخرى، ولتتوقف حملات الكراهية التي لا تريد خيراً لأحد، فليتحقق الأمن للجميع، الذي يأمن فيه الكلّ على أنفسهم وأعراضهم ومستقبل أبنائهم.
ولتتوقف حملات الشماتة والكراهية التي تملأ الدنيا فرحاً وحبوراً وبهجةً وتصفيقاً كلّما قضى شابٌ هنا أو ارتحلت ضحية هناك، يكفينا آلاماً وجراحاً وضحايا.