المجازر التي يرتكبها العدو الارهابي الصهيوني في غزة، ليس مقصودا بها ذبح غزة واهلها فقط. مقصود بها ذبح الأمة بأسرها. مقصود بها اعلان نهاية هذه الأمة كقوة وكإرادة، وبحيث تصبح بعد ذلك بكل اوطانها ساحة مستباحة. ليس هذا هو ما يقصده العدو فقط، وانما كل القوى الاستعمارية المعادية للأمة. ولهذا، ليس عبثا ان الولايات المتحدة وكل الدول الاوروبية تقف بكل هذا الحزم وكل هذه القوة وراء العدو، وان تدعم بلا تردد وبلا أي تحفظ كل ما يرتكبه من مجازر، وتبرر كل جرائم الابادة التي ينفذها. العدو ومعه كل هذه القوى يريدون ان يرسوا اساسا للطريقة التي سيتعاملون بها مع الأمة بعد ذلك.. والاساس هو انهم سيتعاملون معها على انها لم تعد موجودة، وليس لها من يدافع عنها. ولإن كان هذا هو ما يفكر فيه هذا العدو الارهابي
وهذه القوى المعادية للأمة، فإن الذي يكرس اعتقادهم هذا ويعطيه مصداقية، ليس المجازر في حد ذاتها، وانما اساسا رد الفعل الرسمي العربي. رد الفعل الرسمي العربي هو امر مرعب حقا. ولنتأمل ما جرى. حين بدأ العدو ارتكاب مجازره، ورغم كل شناعتها، فإن الحكومات العربية قررت عمليا، اعطاء العدو الوقت الكافي ليمضي قدما في مجازره، وليكمل حملة الابادة لأهل غزة. لم تجد الحكومات العربية ما يدعو الى الاستعجال باتخاذ أي موقف عملي فعال، او بعقد اجتماع عاجل على أي مستوى. قالوا ان وزراء الخارجية العرب سيجتمعون الاربعاء، وان هدف الاجتماع هو ان يقرر ما اذا كانت القمة العربية المقترحة سوف تنعقد اصلا ام لا. أي ان الحكومات العربية قررت عمليا اعطاء العدو الصهيوني اسبوعا كاملا ينفذ فيه ما يشاء من مجازر، قبل ان تفكر اصلا فيما اذا كانت سوف تجتمع لمناقشة المجزرة ام لا. وفي غضون ذلك، ظهرت على السطح وامام العالم كله مهزلة الحكومات العربية بصور مزرية. وجدنا قادة عرباً يلقون باللوم على القادة الآخرين ويتهمونهم بالعجز والتقاعس. وهؤلاء الذين يوجهون الاتهامات ماذا فعلوا هم انفسهم؟ الا يتحملون هم ايضا المسئولية؟ ووجدنا مسئولين عرباً يلقون باللوم، صراحة او ضمنا، على حركة حماس، ويحملونها المسئولية عن المجازر التي يرتكبها العدو. وان تكون حماس هي المسئولة في عرف هؤلاء المسئولين ، ليس له من معنى سوى ان العدو لديه العذر، وان مجازره لها ما يبررها. ولا فرق هنا بين مواقف هؤلاء المسئولين، وبين موقف العدو المجرم نفسه، ومواقف القوى الغربية التي تقاتل دفاعا عن جرائمه، وتعتبر انه بهذه المذابح انما «يدافع عن نفسه«. مواقف الحكومات العربية المخزية على هذا النحو ليست بمستغربة. هذه حكومات هاربة من تحمل أي مسئولية، ليس فقط تجاه غزة الشهيدة، وانما تجاه الامة بأسرها حاضرا ومستقبلا. هذه حكومات عاجزة عن ان تفعل أي شيء دفاعا عن الامة. هي عاجزة ليس لأنها لا تملك الامكانيات ولا تملك القدرة على ردع العدوان. هي لديها الامكانيات ولديها القدرة، ولكنها مسلوبة الارادة. وفي المحصلة النهائية انه اذا لم تتحرك الحكومات العربية، واذا لم تحشد كل امكانياتها من اجل وقف هذه المجازر وردع هذا العدو الارهابي.. اذا لم تفعل ذلك، فإن النتائج ستكون رهيبة. والنتائج كما ذكرنا ليست فقط ابادة غزة والشهداء الذين يسقطون، وانما ستكون مصادرة مستقبل هذه الامة بأسرها، وتركها ساحة مستباحة امام العدو وكل القوى الطامعة المعادية لدولنا وشعوبنا.