جميل المحاري
هم يؤكدون وجود فساد مالي وإداري ينخر مفاصل الدولة حتى العظم، ويعترفون بتقسيم المجتمع لفئات وطبقات متفاوتة حسب القبيلة والعائلة، فهناك من يرتقي لأعلى عليين دون كفاءة وهناك من يتم سحبه للأسفل كلما ارتقى بعلمه وعمله، لمجرد أن الأول هو ابن فلان وأن الثاني هو ابن إنسان بسيط.
هم يطالبون بعدالة اجتماعية وتقسيم عادل للثروة الوطنية، لا يمكنهم إنكار التمييز في التوظيف وشغل الوظائف العليا على أساس طائفي بحت، ويعترفون على مضض بعدم العدالة في الدوائر الانتخابية.
يتهامسون حول ما أنتجه التجنيس السياسي من ضغط هائل على الخدمات المقدمة للمواطنين، ويتباكون على تدني مستوى التعليم والضغط الهائل على المستشفيات والمراكز الصحية، ويتذمرون من طول انتظار الخدمة الإسكانية لسنوات طوال في حين أن المواطن الجديد يحصل على وحدته السكنية في أقل من عام واحد.
يشكون من منازلهم الآيلة للسقوط، وتوقف برنامج إعادة إعمارها بسبب عدم تخصيص ميزانية لذلك، يتندرون على مستوى تدني الرواتب، ويتملكهم الغيظ عند مقارنة الرواتب التي يحصلون عليها بما يحصل عليه إخوانهم في الدول الخليجية.
هم مثلنا يعانون من كل ذلك، ويأملون بحياة أفضل لهم ولأبنائهم في المستقبل، ومع ذلك فإن المتمصلحين منهم يقنعونهم بأن أي تغيير مقبل يمكن أن يؤدي إلى ما هو أسوأ من ذلك بكثير، وخصوصاً عند تنفيذ المطالب التي تنادي بها الجمعيات السياسية المعارضة.
ليس من مصلحة المتمصلحين أن يعي الناس لحقوقهم أو يطالبوا بها، لذلك فهم مستعدون أن يمارسوا جميع أنواع الكذب والتضليل وزرع الفتنة.
تضليل الناس بدأ في الظهور عندما اضطر من هو مصر على إبقاء الوضع الحالي، على تقديم مرئياته في الجولة الثالثة من حوار التوافق الوطني، حيث ظل يماطل لأكثر من سنتين لتقديم أي حلول أو مقترحات، والسبب في ذلك أنه لا يملك قراراً أو موقفاً وطنياً صادقاً يضع البحرين قبل أي مصلحة أخرى في أولوياته.
المؤتمر الصحافي الذي عقده ائتلاف جمعيات الفاتح وردود الأفعال والتصريحات التي أعقبت ذلك من انتقاد لاذع وتبادل التهم بين أعضاء الفريق الواحد، كشف الصراع الدائر بين الجمعيات «الأخوات».
ولكي لا تتطور الأمور لأكثر من ذلك ألغت جمعيات الائتلاف المؤتمر الصحافي الذي كان مقرراً مساء اليوم (الأربعاء)، «المارد» أرجع سبب هذا الإلغاء إلى «غياب معظم قيادات الائتلاف عن البلاد في الوقت الحالي».
من الواضح أن هذه الجمعيات لا تعمل إلا من أجل التأزيم، فهي تقف كالحائط الصلب عند الحديث عن التخوين وتشديد القبضة الأمنية، وتسريح الآلاف من أعمالهم، وهدم دور العبادة، ورفض أي مقترح تتقدم به القوى الديمقراطية المعارضة، وأمّا التوافق والحوار فهي لا تملك حتى صفحة واحدة من 100 كلمة يمكن تتفق عليها وتقدمها كمرئيات لحل الأزمة في البحرين.