هاني الفردان
هي الإحصاءات والأرقام، والبيانات الرسمية وحدها التي سنبني عليها تأكيداتنا بأن التعذيب لازال مستمراً في البحرين، رغم نفي وزارة الداخلية، والتصريحات التي لا تتوقف من وزير شئون حقوق الإنسان من أن البحرين أصبحت جنّة حقوق الإنسان والبلد الذي لا يضاهيه أي مكان.
فبعد تصريح وزير الداخلية في حفل تدشين الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية في (2 يوليو 2013)، وهذا نصه: «أن الحديث عن التعذيب في هذه الأيام هو حديث غير مبرر؛ فاليوم هناك موقوفون وآخرون مسجونون، وهم في أمانة وزارة الداخلية، وليس هناك من داعٍ لما يُسمى بالتعذيب». أعلنت وحدة التحقيق الخاصة تسلمها 12 شكوى سوء معاملة (باختصار تعذيب).
فقد صرح رئيس النيابة رئيس وحدة التحقيق الخاصة نواف عبدالله حمزة يوم الاثنين (5 أغسطس/ أب 2013) بأن الوحدة تلقت خلال شهر يوليو/ تموز 2013 (12) شكوى خاصة بإساءة المعاملة وقد باشرت التحقيق فيها جميعاً.
واستمعت الوحدة إلى (13) شاكياً وثماني شهود واستجوبت (22) متهماً في قضايا متفرقة، كما أحالت الوحدة متهماً من أعضاء قوات الأمن العام إلى المحكمة الكبرى الجنائية لما نسب إليه من إلحاق ألم جسدي (تعذيب) في متهم بغرض الحصول منه على اعتراف، وكذا نشره بإحدى طرق العلانية صوراً له قبل صدور حكم، وأحالت أيضاً (4) متهمين من أعضاء قوات الأمن العام إلى المحكمة الصغرى الجنائية لاعتدائهم بالضرب على المجني عليه السالف ذكره أبان القبض عليه.
رجال الأمن الأربعة الذين أحيلوا الشهر الماضي للمحكمة، متهمون بتعذيب مواطن موقوف لدى وزارة الداخلية، فقد تعرض هذا الموقوف إلى التعذيب أثناء الاعتقال، وأثناء التحقيق، وهذا بحسب بيان النيابة العامة، لإجباره على الاعتراف. ومع ذلك فليس هناك مبرّرٌ للحديث عن التعذيب.
هذه حالة من حالات كثيرة تحدث في مراكز الشرطة، تتكرّر بشكل يومي، وإحصاءاتها الشهرية لا تقف أبداً، إذ بات الأمر طبيعياً أن تسمع في كل يوم عن شكاوى تعذيب وسوء معاملة من قبل الأهالي لأبنائهم المعتقلين، أو أن تشاهد مقطعاً مصوراً لاعتقال متهم وهو يُضرب في الطريق أمام الجميع.
الغير مبرر هو الحديث عن أنه «لا تعذيب في السجون»، فإحصاءات النيابة العامة (وحدة التحقيق الخاصة) كشفت أيضاً أنه قبل تصريح وزير الداخلية (في شهر يونيو/ حزيران 2013) تلقت الوحدة 14 شكوى بإساءة المعاملة (تعذيب).
في 9 يونيو 2013 أعلنت الوحدة الخاصة عن تلقيها خلال شهر مايو/ أيار 2013 (18) شكوى خاصة بإساءة المعاملة.
في 9 مايو/أيار الماضي أعلنت الوحدة عن تلقيها ست شكاوى متعلقة بسوء المعاملة (التعذيب) في أبريل/ نيسان 2013.
في 9 أبريل 2013 تلقت الوحدة بلاغين جديدين بشأن إساءة المعاملة حدثتا في شهر مارس/آذار.
في 17 يناير/كانون الثاني 2013، بدأت الوحدة التحقيق في خمس شكاوى تلقتها خلال ديسمبر/ كانون الأول 2012.
ما سردته هو غيض من فيض، وهو ما تعلن عنه وحدة التحقيق الخاصة من شكاوى بشكل شهري، في ظل وجود قضايا كثيرة، لم ترفع بشأنها أي شكاوى.
ما سردته من إحصاءات وأرقام رسمية، لا تكشف فقط عن استمرار التعذيب في البحرين، بل تكشف عن وتيرة متزايدة لها، إذ توضح الأرقام أن عدد الشكاوى تزايدت منذ مطلع العام الجاري والتي كانت 5 شكاوى في ديسمبر 2012، (2) شكويان في مارس، 6 شكاوى في أبريل، ولتشهد البحرين قفزة نوعية في الشكاوى لتبلغ ذروتها في مايو بتسجيل 18 شكوى، و14 شكوى في يونيو، و12 شكوى في يوليو، والله يستر على شهر أغسطس!
نعم… التعذيب في البحرين مستمر، والأرقام تتزايد وترتفع، وهي أرقام رسمية، ولم نعتمد أبداً على بيانات المعارضة والنشطاء الحقوقيين والتقارير الدولية بشأن التعذيب في البحرين والتي تتحدث عن أكثر من ذلك بكثير. ولو تحدثنا لاتُهمنا بالمبالغة والتهويل والكذب والافتراء!
هذه حقائق وبيانات رسمية مثبتة، ولا يمكن نكرانها أو الهروب منها، تدعمها حقيقة رفض الحكومة أو تأجيلها لأجل غير مسمى زيارة مقرّر التعذيب الخاص التابع للأمم المتحدة خوان مانديز، رغم تأكيدات وزير شئون حقوق الإنسان بأن البحرين «ليس لديها ما تخشاه»، وأن «التعذيب جريمةٌ في حق الدين والإنسانية والأخلاق، وأنها مرفوضة، وأن البحرين لجأت لمعالجة جذور المشكلة»، وأن «الصفحة الحقوقية ستبقى مضيئة في تاريخ البحرين»!
فهل تم علاج المشكلة، وأرقام شكاوى التعذيب وسوء المعاملة تتزايد شهراً بعد شهر؟ وما نوع العلاج الذي يتحدث عنه الوزير الذي يتسبب في زيادة حالات المرض لا نقصانها.