هاني الفردان
أصدر رئيس الوزراء توجيهاته بالإسراع في إتمام إشهار النظام الأساسي للاتحاد الحر لنقابات العمال واستكمال الجوانب الرسمية والقانونية اللازمة، من أجل إتاحة المجال أمام هذا الاتحاد للعمل في تعزيز المكتسبات العمالية.
جاء ذلك بعد يوم واحد فقط من اتهام نائب الرئيس للشئون الإدارية بالمجلس التنفيذي للاتحاد الحُر لنقابات عمال البحرين أسامة سلمان وزارة العمل بـ «مماطلة» وعدم جديتها في التعامل مع «الاتحاد الحُر» مستدلاً على ذلك بعدم استلامها رسالة الاتحاد الحُر لنقابات عمال البحرين، المتضمنة لوثائق الإشهار الرسمية كالنظام الأساسي وغيرها وفق منطوق قانون النقابات العمالية رقم 33 والتعديلات التي أجريت عليه، بعد أن تم اعتماده في المؤتمر التأسيسي الأسبوع قبل الماضي، حيث أنه قد تم إرسال الرسالة مع النظام الأساسي وإيداعهما بالبريد المسجل منذ يوم الإثنين 24 يوليو/ تموز 2012.
يأتي الهجوم على الوزارة كحركة استباقية لتعجيل الضربة القاضية، رغم إعلان وزير العمل جميل حميدان ترحيبه الواسع والكبير بالاتحاد الجديد، إلا أنه أكد مع ترحيبه أن الاتحاد لا يحتاج إلى موافقة من وزارة العمل، لكنه يحتاج لاستكمال إجراءات التأسيس بإيداع أوراقه المشتملة على النظام الأساسي المعتمد وأسماء المؤسسين، وبذل الحرص على أن تكون جميع هذه الأوراق المودعة لا تتعارض مع أيٍّ من القوانين السارية في البحرين.
هذه الإجراءات رآها القائمون على الاتحاد الجديد رغبة بعدم التعاون من قبل الوزارة مع «الاتحاد الحُر»، وذلك بعد تأخر الوزارة في تسلم أوراق إشهار الاتحاد من صندوق بريده، إذ استشعر القائمون على «الاتحاد الحر» بأن الوزارة «مربكة» و «مترددة»، وقد تسعى لوضع عقبة جديدة في طريق «الاتحاد الحُر» حتى تصبح على حدّ قولهم «مرة ثالثة وسياسة ثابتة».
تأكيدات وزير العمل بضرورة استكمال الأوراق أصبحت لا محل لها في ظل صدور توجيهات رئيس الوزراء الملزمة بإشهار الاتحاد الجديد، حتى وإن ركز التوجيه على استكمال الجوانب الرسمية والقانونية اللازمة.
بعد كل ذلك أصبح لا محل لسؤالنا السابق الموجه إلى وزير العمل بخصوص، مدى تعارض الاتحاد الجديد مع القانون الساري؟ وهل بإمكان مطابقة أوراق الاتحاد الجديد بنصوص القانون؟ وهل الاتحاد الجديد مطابق لاشتراطات القانون ولا يخالف نص المرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام قانون النقابات العمالية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2002، الخاص بـ «التعددية النقابية» في مادته الثامنة، على أنه «يجوز لكل نقابتين أو أكثر من النقابات العمالية المتشابهة (مع وضع خطوط كثيرة تحت كلمة متشابهة) أن تنشئ فيما بينها اتحاداً نقابياً، ويكون إنشاء الاتحاد النقابي والانضمام إليه بعد موافقة أغلبية أعضاء الجمعية العمومية للنقابة العمالية»؟
أصبح «الاتحاد الحر» قوة لا يستهان بها، فبعد يوم واحد من هجومه على وزارة العمل، صدرت التوجيهات بإشهاره سريعاً، وأصبحت الوزارة في موقف لا تحسد عليه أبداً، وما عليها إلا التنفيذ.
طالب القائمون على «الاتحاد الحر» بتطبيق القانون بصورة متساوية على جميع الأطراف، وعلى وزارة العمل قبل اتخاذ خطوة الإشهار وتنفيذ التوجيهات، الوقوف على القانون، واحترام نص المرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام قانون النقابات العمالية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2002، الخاص بـ «التعددية النقابية» في مادته الثامنة، والتي لا تدع مجالاً للشك أبداً في أن تشكيلة الاتحاد الجديد مخالفة لنص تلك المادة وبشكل واضح وفاضح.
صمت وزارة العمل منذ أن أثيرت القضية الخاصة بمدى قانونية إشهار الاتحاد، يعكس بوضوح مدى الإرباك الكبير الذي تعيشه الوزارة، خصوصاً أنها وُضعت بين المطرقة الراغبة في تمرير «مسمار» الاتحاد بأي طريقة، وبين سندان القانون الواضح في مواده، والإحراج الكبير المترتب على مخالفته.
لقد وُضعت وزارة العمل في موقف لا تُحسد عليه أبداً، فأيهم ستختار وإلى أي جانب ستقف، ومع من ستسير، وماذا ستقول وستفسر وستعلن؟ إلا أن الواقع يشير إلى أن القضية انتهت منذ المباركة الأولى، إذ كان أمره مقضيّا.