هاني الفردان
«البحرين حريصة على المضي قُدُماً في الارتقاء بحقوق الإنسان الذي سيظل من أولويات الحكومة؛ كونها من المتطلبات الأساسية التي يكفلها الدستور ويحميها القانون وتحقق الحياة الكريمة للمواطنين، وإن كفالة حرية التعبير السلمي ضمن حدود الالتزام بسيادة القانون واحترام المؤسسات الدستورية».
عبارة تتكرر كثيراً بألفاظ وأشكال مختلفة، وفي مناسبات متعددة.
لكن وفقاً للقانون، تمنع المسيرات والاحتجاجات، فالقانون هو الذي قال إنه «إخطار»، والإجراء هو الذي حوّله إلى ترخيص، وموافقة ورفض، ومنع.
القانون هو الذي فتح كل المناطق للتعبير عن الآراء وتسيير المسيرات، والإجراءات هي التي حوَّلت مناطق لمحميات، ومنها منعت المسيرات.
وفقاً للقانون لا يمكن اعتقال أحد، ولا مداهمة منازل إلا بإذن، ومع ذلك ووفقاً للقانون المعطل، تكثر الشكاوى من عدم تفعيله وتطبيقه.
وفقاً للقانون؛ فالتعذيب محظور، ولأنه محظور وممنوع، فقد أصبح مرغوباً وموجوداً بأشكال متعددة، منها السرية ومنها ما أصبح مكشوفاً ومفضوحاً.
وفقاً للقانون لا يجوز فصل العمال والموظفين إلا بشروط، ولكن وفقاً للأهواء وغياب القانون تم فصل الآلاف، وقطعت أرزاق الكثير من العوائل بقرارات «طائفية» وأمزجة دونية، وتصرفات شخصية، وفق رؤية منهجية!
وفقاً للقانون لا يمكن وقف راتب الموظف، أو الاستقطاع منه، إلا في حدود ضيقة، ولأن القانون مفعَّل، وفي بلد المؤسسات، حدثت الكثير من التجاوزات، التي كانت ولاتزال مستمرة حتى الآن.
وفقاً للقانون، لا يستخدم السلاح الناري إلا في حدود، ووفقاً لشروط، ولأن القانون هو القانون أصبح المحظور مباحاً.
القانون في البحرين هو الذي يطبَّق على قسم من الشعب، ولا يطبق على القسم الآخر، هو الذي يلاحق «المخربين»، ولا ينظر إلى «المجموعات» التي تخرّب وتكسر وتحرق، حتى قتلت وسفكت دماء أيضاً.
هو القانون الذي نتباهى به في كل مكان، ولا نراه إلا على الورق، وفي الخطب، والتنظير، وهو للتباهي الإعلامي العالمي. ومتى ما فُعّل؛ فهو لتحقيق مآرب وغايات.
وفقاً للقانون؛ فالقانون لا يمكن أن يتجاوزه أحد، والحمد لله القانون لدينا يهمش بـ «توجيهات» وخطابات، وقرارات وعبر إيماءات تقوم على أساس التوازنات التي تحكم العلاقات.
الحمد لله القانون لدينا، يخضع للإملاءات والاستثناءات، ويعيش حالات إنعاش واحتضار، ويغيب متى ما يراد له الغياب، ويحضر متى ما استحضر.
قانون ليس بالضرورة أن يطول الصغير والكبير، وليس من المهم أن يساوي بين الغني والفقير، ولا بين المسئول الرفيع والغفير، المهم أن يكون لدينا قانون.
هو قانون الزينة، لكي لا نقول إننا بلد بلا قانون، ولكي نري العالم قدراتنا، ونروي لهم حكايات قوانيننا التي تضاهي بموادها أجمل القوانين، وتقارع بنصوصها أعرق الديمقراطيات.
فهم القانون لدينا مختلف، فالقانون يعني أنه ليس من الضرورة أن يطول الجميع، ولا أن يطبق على الجميع، ولا أن يساوي بين الجميع، ولا أن يفرض سلطته على الجميع. المهم أن يكون لدينا قانون، فلو سئلنا عنه نقول نعم، نحن بلد القانون، وكل ما نفعله وفقاً للقانون.
لا تستغرب عندما يقول أحدهم إن قانوننا يختلف عن قانون الآخرين، وليس عيباً أن يكون قانوناً مختلفاً، ولا ينطبق مع قوانين الآخرين، وربما سيتعلم الآخرون من قوانيننا المتطورة والمتحضرة والتي تضاهي أعرق القوانين العالمية.
وفقاً للقانون، قانون أعظم قانون.