وظهرت الحقيقة!
وظهرت الحقيقة أخيراً، من خلال تقرير سعادة السيد الفاضل محمود شريف بسيوني، على ما حصل لصحيفتي الغرّاء «الوسط»، حيث ذكر في تقريره العديد من النّقاط، لا تُعد ولا تُحصى عن «الوسط».
أتذكّر عندما اتُّهِمَتْ «الوسط» بالتحريض على العنف وكراهية النظام، واتُّهِمتُ أنا بالخيانة والتحريض على الكراهية، حضرت إحدى زميلاتي وباركت لي «موت الوسط»، فرددت عليها بروح رياضية إنّها في العناية القصوى، وستخرج من هذه الأزمة أقوى وأفضل.
ليس هذا فقط، بل قام كثير من الأصحاب والأحباب بمضايقتي بسبب الكتابة في صحيفتي الحبيبة، وأصبحتُ أنزف مع الصحيفة ألم التخوين وألم التحريض وألم الوطن، ولكن في خضَمِّ هذا الألم كان هناك ذلك البصيص الكبير من الأمل في اجتياز هذه المحنة، والظهور مرّةً أخرى من غرفة العناية القصوى، إلى غرفة التشريفات، وها نحن نعيش هذه اللحظات الجميلة في براءة «الوسط» من كل ما تمّ اتهامها به.
لقد أوضح الأستاذ بسيوني في تقريره أن لا دليل يؤيد تورّط صحيفتنا بالتحريض على العنف، وليس هناك سوء قصد في نشرها أخباراً كاذبة، على رغم تعرّض مكاتبها في 15 مارس/ آذار للهجوم والتخريب. كل هذا وصبرنا وتحمّلنا وتجرّعنا الكلمات السخيفة من قبل بعض المغرضين، فبعضهم سمّى «الوسط» بمسمّيات أخرى غير مسمّاها، وبعضهم أخذ برميها والدوس عليها أمام أعيننا، وما دلَّ ذلك إلاّ على صغر حجمهم ومدى تأثير «الوسط» عليهم.
عشنا فترات جحيمية ونحن نكتب في هذه الصحيفة «الشمعة»، وتعرّض بعض زملائنا للضرب والإهانة والتحقيق، ولكن كل ما تجرّعناه ذهب مع الريح عندما أعلن السيد بسيوني براءة صحيفتنا الغرّاء.
وما حمَّلنا على تجرّع الظلم إلاّ إيماننا جميعاً، طاقم «الوسط»، بما نقوم به وما كنّا نكتبه، فالوطن والكلمة كانا أمانة في رقابنا، وقد حملناها بصبر ومشقّة، ومخطيءٌ من ظنّ أنّنا كنا فرحين بما يحدث، أو عديمي إحساس بما يتوسّط وطننا البحرين من مشكلات وتقسيم وأزمات خلال الشهور الماضية.
إنّ الخائن لا مكان له في وسطنا، بل إنّه معروف وغير مقبول ومحترِقة أوراقه، وهو من حرّض وسبَّ وشتم وخوّن من كان صادقاً مع نفسه ووطنه، وعليه؛ فانّ المواقف لم تنتهِ، بل هي تدور، وسنكتشف حقائق أخرى لم نكن نعلمها.
وفي هذا لا يسعني إلاّ أن أشكر زملائي في صحيفتي الحبيبة، وعلى رأسهم رئيس التحرير منصور الجمري، الذي كافح وناضل من أجل الوطن أوّلاً، ومن أجل ما يؤمن به ثانياً، وكان ذلك الامتحان من أصعب الامتحانات على طاقم «الوسط» أجمع.
ما نستنتجه في النهاية هو أنّ الحق لا بد أن يَحق، ولابد للحقيقة أن ترى النور يوماً، لتظهر مشرقة جميلة وواضحة ومرئية أمام أعين الجميع، وأنّ الصبر على الأزمات سيتبعه فرَجٌ ما بعده فرَج. وجمعة مباركة