قاسم حسين
في تصريح صحافي كشف وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي عن توظيف 300 معلم وتعيين نحو 3000 آلاف متطوع من أصل 6300 شخص ممن سجلوا أسماءهم للتدريس إبان فترة الأحداث.
التوظيف عرفنا قصته منذ سنوات، حيث لدينا ما لا يقل عن آلف خريج جامعي سنوياً، نصفهم مؤهلون للعمل في وظائف وزارة التربية، بينما يتوزع النصف الآخر على الوظائف والمهن الأخرى. وكانت سياسة التوظيف في الوزارة قد أصابها الكثير من العوار منذ سنوات، تزامناً مع تسلط بعض القوى الدينية على مراكز النفوذ في الوزارة. وكان من نتيجته تقليل عدد من يتم توظيفهم من الخريجين بالوزارة، حتى أصبح طابور العاطلين طويلاً، ويمتد لسنوات.
زيادة أعداد الخريجين ممن ينتظرون العمل بالوزارة دفعهم للقيام بسلسلة من الاعتصامات، زادت على الخمسين أسبوعاً، ونشرت الصحافة المستقلة أخبار تلك الاعتصامات تباعاً، مع ذلك لم تكترث الوزارة بالملف على رغم أبعاده الاجتماعية والإنسانية والمهنية. وكان مسئولو الوزارة يخرجون بين فترة وأخرى بتصريحات، وبعضهم يكتب ردوداً أو مقالات ركيكة، لا تعالج لب الخلل في هذه الوزارة، وهو اعتماد معايير غير مهنية في التوظيف.
الأحداث الأخيرة أسقطت ورقة التوت عن هذه السياسة بطريقة لا يمكن مواراتها بالتصريحات والردود المعلبة، فقد خضعت عملية التوظيف إلى قرار سياسي مباشر، تم بموجبه تخطي كل ما كان يقال عن شروط التوظيف والمؤهلات المطلوبة، فضلاً عن مشاريع مدارس المستقبل وجودة التعليم. لقد تم تعيين متطوعين ومتطوعات للعمل في أخطر وزارة تعتمد عليها صناعة المستقبل وتخريج الأجيال وبرامج التنمية.
لم يحدث في تاريخ البحرين الحديث، حتى في العقود التي سبقت الاستقلال، أن تم تعيين متطوعين ومتطوعات للعمل في مهنة التدريس. هذه مهنة لا تحتمل اللعب السياسي والعبث الطائفي، فالكلفة التي سيدفعها التعليم ستظهر نتائجها خلال أقل من سبع سنوات، بما يجعل الحديث عن مشاريع التنمية والخطط المستقبلية لغواً.
الوزير أراد أن يستبق الانتقادات بقوله بتعيين 3000 آلاف متطوع «مؤهل»، ونحن نطالبه – وبعيداً عن الحسابات السياسية القاتلة – أن يوضح للرأي العام كيف تم تأهيل هذا العدد الضخم خلال عام واحد؟ وكيف عجزت وزارته عن تأهيل مثل هذا العدد خلال عشر سنوات؟ ولماذا كانت تماطل في توظيف معلمين مؤهلين في الأساس من خريجي مختلف الجامعات العربية والأجنبية؟ وما رأيه – المهني – بتوظيف متطوعات لا يحملن من مؤهل غير الثانوية العامة فقط، وتم إرسالهن للدراسة الجامعية على حساب الوزارة بينما تمتنع الوزارة منذ سبع سنوات عن توظيف خريجات جامعيات؟ وهل يتماشى ذلك مع تطبيق سياسة «جودة التعليم»؟ أم يندرج ضمن سياسة «التمهين» التي تتكلمون عنها؟
إن إغراق وزارة التربية والتعليم بهذا العدد الكبير من المتطوعين والمتطوعات، في سابقة خطيرة غير مسبوقة تاريخياً، سيظهر أثره عمّا قريب، وستكتشفون ذلك سريعاً وبأسهل الطرق. فالمتطوّع في ظرفٍ استثنائي محتقن سياسياً، ليس مؤهلاً بالضرورة للقيام بواجبات هذه المهنة الشاقة، التي يعجز عن أدائها بعض غير المؤهلين فيطلبون «واسطةً» من بعض الجهات النافذة، لتحويلهم إلى المكاتب الداخلية للوزارة وبعض الإدارات الأخرى بعيداً عن مشاق هذه المهنة المقدسة، وأنتم على علمٍ بتفاصيل ذلك بكل تأكيد.
مؤسفٌ أن أكتب وأعيد… أنه تم توظيف 3000 «متطوع» خلال عام واحد، في وزارة التربية والتعليم، بطريقة طبخ سريعة على طريقة البيض المسلوق.