مريم الشروقي
في خطوة مُستغربة تقوم بها وزارة التربية والتعليم في شأن التوظيف، نجدها تفتح باب التوظيف لمواطني البحرين ودول مجلس التعاون! في حين أنّ هناك شريحة غير قليلة من فئات المجتمع البحريني تنتظر التوظيف في وزارة التربية والتعليم!
لماذا تقوم وزارة التربية والتعليم بهذه الخطوة؟ وهل هناك من دول مجلس التعاون من يريد العمل في البحرين من نفسه أم عن طريق اتّفاقيات تبادل الخبرات بين دول المنطقة حتى لا يخسر الامتيازات؟ عادةً يسافر البحريني إلى دول الخليج من أجل العمل وليس العكس، لأنّ مستوى الرواتب في دول الخليج أعلى من مستواها في البحرين إذا ما استثنينا المملكة العربية السعودية.
أمركم غريب يا وزارة التربية والتعليم، تصرفون الكثير على التعليم ومخرجاته، ثمّ تدرّسون الأبناء في الجامعات، ومن ثمّ ينتظر الأبناء فرصة العمل سنوات عدّة خصوصاً بعد الأحداث، واليوم تعلنون عن وظائف شاغرة للبحرينيين ولأبناء دول مجلس التعاون! كيف نوازن هذه المسألة يا تُرى؟ خصوصاً أننا أمام فوج كبير من العاطلين والعاطلات عن العمل، ممّن تتوفّر لديهم الكفاءة والشهادة التي تؤهّلهم لشغل الوظائف، وكثير منهم ليس لديهم «واسطات» للحصول على وظيفة!
أيضاً هناك من يتساءل عن عدد البحرينيين الأصليين الذين سيتم توظيفهم، وعن عدد مواطني دول مجلس التعاون الذين ستتم الموافقة على أوراقهم، وكذلك عن عدد البحرينيين الجدد الذين سيحصلون على الوظائف، ولا ندري إن كانت الوزارة ستفاجئ الرأي العام بإحصاءات وأسماء من سيتم تعيينهم، ففي بعض الأحيان تحصل العجائب من دون توقّعها!
وزارة التربية والتعليم شاب الرأس منكم، فلقد شكا بعض العاطلين من ضيق المكان المخصص للتقديم وطول ساعات الانتظار، ووصفوا آلية التقديم بأنها غير مرنة وغير منظمة، فضلاً عن رفض قبول كثير من الطلبات بحجة عدم استكمال الأوراق المطلوبة، في الوقت الذي علق فيه العاطلون بأنهم في كل عام يتم قبول طلباتهم وفقاً للأوراق ذاتها.
والشكوى ليست منهم فقط، بل إنّ حتى العاملين في هذا القطاع، وخصوصاً المعلّمين، يشكون من آلية مكتب المراجعين، فلا مواقف يستطيعون إيقاف سيّاراتهم بها، وتأخير وتعطيل حتى يمكنهم الوصول إلى مكتب المراجعين، مكتب المراجعين بالمنامة مثالاً، ومن ثمّ آليات أخرى تعطّل العمل! في حين أنّ موظّفي القطاع العام في مختلف وزارات الدولة لا تتم معاملتهم بهذه الطريقة، فلديهم مواقف مخصّصة، ناهيك عن آليات الخدمات التي تقدّم لهم!
ولو نظرتم إلى العاملين في هذا القطاع، لوجدتم بأنّهم مُنهكو القوى، بين التعليم والتربية والحياة المعيشية وطبيعة عمل المدارس وأوراق التحسين ونصاب المعلّم، وكلّها تصب في مخرجات التعليم. وحتّى مظهر المعلّم أصبح غير لائق، فنظرة سريعة على المعلّمين والمعلّمات، لنعلم بأنّ هناك خللاً كبيراً.
من يقول بأنّ مظهر المعلّم ليس مهمّاً في العملية التعليمية فهو مخطئ، ومن يقلّل من شأن المعلّم ويركنه جانباً فهو مخطئ، ومن لا يعدّل الكادر الوظيفي للمعلّم بالذات فهو مخطئ، لأنّ المعلّم هو أساس وزارة التربية والتعليم، ومن دونه ليس هناك وزارة على الإطلاق!
ونعلم بأنّ هناك أموراً خارجة عن إرادة الوزارة، وتتبنّاها جهات أخرى كدرجات المعلّم ومستوى دخله، ولكن ليضع هؤلاء في اعتبارهم بأنّ المعلّم عنصر رئيسي في المجتمع، فالمعلّم يحمل مسئولية الأجيال، فهو يخرّج المهندس والطبيب وكل حاملي الشهادات العليا، وهؤلاء لم يستطيعوا الوصول لذلك من دونه، فهل هناك من يشاركنا الرأي أو يستطيع تغيير الدرجات التعليمية؟ خصوصاً أنّها كانت في يوم من الأيام درجات بمستوى الطبيب والمهندس، أما اليوم فإنّ سكرتيراً تنفيذياً في إحدى الوظائف الحكومية، بات راتبه أفضل من راتب المعلّم الذي يشقى أكثر من غيره.
يا وزارة التربية والتعليم، قبل طرح وظائف شاغرة لمواطني مجلس التعاون ومزاحمة أبناء الوطن، ننتظر منكم تغطية القصور بشغل الوظائف لمواطني مملكة البحرين، وجعلهم أولويةً، لأنّهم أبناء البحرين، وعندما تكتفون قوموا بطلب توظيف الآخرين!
وإلى كل مواطن عاطل ليس لديه سلاح الواسطة، ارفع يدك لله فهو الذي يسمع الدعاء والشكوى على كل من تسوّل له نفسه تعطيل حياتك ورزقك ومصلحتك، فالشكوى لغير الله مذلّة، وأنت تعلم أكثر من غيرك بقوّة الدعاء.