هاني الفردان
ما يميز بلدنا عن كل بلدان العالم، هو أن إنشاء الوزارات فيها لا يخضع لمعايير الحاجة والطلب وتقديم خدمات، بقدر ما هو أداة لتكريم أو توزير أو تنصيب لأفراد.
الوزارات في بلدنا حقائب توزع على أشخاص يراد توزيرهم، فتصمم وفق متطلباتهم، بعيداً عن مؤهلاتهم.
الوزارات في بلادنا تُفصَّل على أفراد، يُراد لهم أن يكونوا وزراء، فتشكّل على مقاسهم.
الوزارات في بلدنا تشكل، تدمج، تفصل، تلغى بحسب مقتضيات الأفراد، لا المهام والمتطلبات.
في بلدنا، الوزير قبل الوزارة، ولأجل عيون الفرد تبنى له وزارة، ومن أجله تدمج وتفكّك وزارة، وقد تلغى أيضاً إذا لم يشأ أن تسلم لغيره، وقد تجدها تعاد بعد حين كوزارة عندما يوجد لها فرد يجب أن يكون وزيراً.
في بلدنا الوزارة وسيلة والوزير غاية، والوزير أهم من الوزارة.
هذا هو حال بلدنا منذ أن وعينا، وزارات تدمج، لعدم وجود وزير مناسب! وزارة تفكك لوجود وزير بحاجة إلى وزارة! ووزارات جديدة لمن لا توجد له وزارة، وحتى لو كانت حقيبةً بلا وزارة!
في بلدنا لا يهم عدد الوزارات، ولا عدد الوزراء، اللهم لا حسد، واللهم زد وبارك فيهم، حتى لو بلغ عدد وزرائنا أكثر من 25 وزيراً، فما المانع؟ إذا كانت كل تلك الوزارات في خدمة الشعب!
سئلت من قبل وزيرة التنمية الاجتماعية عندما أوكلت لها مهمة وزارة حقوق الإنسان لتصبح وزارتها وزارة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية، ما هي العلاقة بين الاثنتين والذي جعل وزارة حقوق الإنسان تلحق بالتنمية الاجتماعية، فكان الجواب: العلاقة كبيرة ووثيقة، ولذلك تم الدمج، والتنمية مرتبطة بحقوق الإنسان، والسؤال اليوم: لماذا فُكّكت بعد عامٍ من دمجها؟
لم يمر عام كامل على تعديل مسمى وزارة التنمية الاجتماعية، لتصبح في 20 يونيو/ حزيران 2011 وزارة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية، وقبل 15 يوماً من الاحتفال بالعام الأول للوزارة الجديدة تفكّكت إلى وزارتين، والسؤال أيضاً: أين الاستراتيجية؟ وأين التخطيط؟ ولماذا تغيّر الحال وأصبحت ضرورة الأمس عبثاً اليوم، وهل يمكن وضع ذلك ضمن مفهوم «التخبط»؟
الحقيقة واضحة، البحرين كانت بحاجة إلى مسمى حقوق الإنسان في حكومتها، ولم يكن هناك اسم لوزير، فألحقت بالتنمية الاجتماعية.
بعد مدة كان من الضروري تكريم أفراد معينين بحقائب وزارية، فوُجد وزير ولكن لم تكن هناك وزارة، وبالتالي كان لابد من خلق وزارة أو تفكيك وزارة إلى شطرين ليمكن بذلك تسليم الوزير الجديد حقيبة وزارية.
أشهر الوزارات تفكيكاً ودمجاً لذات الأسباب هي وزارات الكهرباء والماء، الأشغال، الإسكان، البلديات، أو باختصار كل وزارات الخدمات القابلة للقسمة على اثنين، أو الاندماج في واحد وبحسب الطلب والرغبة!
وبالتأكيد، هناك وزارات لا يمكن أبداً أن تقسم أو تتغير، أو يستبدل من على رأسها، وكلنا يعرفها.
الوزارات في بلدنا تأتي بالتفصيل، توسّع وتضيّق بحسب سعة الحكومة، ووزن الوزير الجديد.
باختصار… الوزارة في بلدنا وسيلةٌ… والوزير هو الغاية.