هاني الفردان
بات واضحاً أن عملية الحوار لا تُجرى حالياً على طاولة العرين «الصغيرة» بل خرجت إلى ساحةٍ أكبر، بعد أن فشلت كل المخططات السابقة لتحريض المعارضة على الانسحاب.
في مقال سابق، تحدثت عن أن المعارضة لن تخسر شيئاً من مشاركتها في الحوار حتى وإن كان «هشّاً»، كما وصفته الصحافة العالمية، فهي قادرة على التكيف مع اللعبة السياسية، لقناعتها وقناعة العالم بأسره، بأن التغيير نحو الديمقراطية مصيرٌ محتومٌ لكلّ شعوب الأرض.
اللاعب الآخر مع المعارضة في الحوار فطن إلى أن المعارضة في هذه المرة لن يكون انسحابها من على الطاولة سهلاً، فقد أجادت فن السياسة، وقراءة المعطيات وتوقّع المفاجآت، ومن ثم فهم المخرجات.
المشوشات على الحوار كثيرة هذه الأيام، منها اكتشافات للخلايا والقنابل، بل تخطينا الحدود وأصبح الحديث عن التدريب لإنتاج صواريخ القسّام.
المعارضون للمعارضة يسعون لإجبار المعارضة على الانسحاب، لكي يتم اتهام المعارضة بالسلبية تجاه المبادرات الإيجابية، وبالتالي إنهاء قصة الحوار قبل أن تطول، عدم انسحاب المعارضة من الحوار يعني إدخال الطرف الآخر في مأزق نتائج وتداعيات الحوار في ظل ترقب العالم بأن يسفر هذا الحوار هذه المرة عن نتائج تحقق طموحات الشعب البحريني وأن تعيده لمنازله بدلاً من الإصرار على التظاهر والاحتجاج.
ما نشهده من توتر أمني وتصعيد سياسي يؤثر في الحوار بصورة وثيقة، وما سيجري فيه من إرباكات وإخفاقات حقيقية، ولغاية الضغط في اتجاهات معينة، وهي إما أن تنسحب المعارضة لاتهامها بإضاعة الفرصة وجرّ البلد لتأزيم، أو القبول بالسقف المنخفض الذي تحاول فرضه الجماعات المؤيدة لاستمرار الوضع القائم على ما هو عليه.
إن تعليق جمعيات سياسية مؤيدة للوضع القائم مشاركتها في الحوار ليوم واحد أو أكثر إنما هي وسيلة للضغط على المعارضة، ولإجبارها على إصدار بيان من المتحاورين يدين الشارع المعارض بعد اتهامه بكل سيئات ما يحصل حالياً، وهو ما ترفضه المعارضة وتطالب بدلاً من ذلك بالتوقيع على «وثيقة اللاعنف» التي حظيت بقبول عالمي، ولم يسمع عنها المسئولون في البحرين إلا أخيراً، وهي التي تدين العنف بشكله المطلق ومن جميع الأطراف.
المعارضة واعية إلى كثير من المحاولات الحالية، ولذا فهي ترفض بأن يفرض عليها خيارات الانسحاب (وبالتالي تخسر الرأي العام العالمي) أو الرضوخ لسقف منخفض جداً وبالتالي تخسر شارعها، ومبادئها، وبسبب هذا الوعي فإن «ورطة الحوار» حالياً تقع على الطرف الآخر في الحوار، عندما تطرح مرئيات الجمعيات وتصبح سمة الرفض دائمة لمطالب المعارضة، وعندما يتضح للعالم أن مخرجات الحوار في البحرين ترفض الحكومة المنتخبة، وترفض الاستفتاء الشعبي، وتبقي الوضع السياسي على ما هو عليه.
الورطة الحقيقية الحالية، هي بماذا يمكن أن يخرج به الحوار ليسكت الشارع المتأزم وينهي أزمة عامين، ويقنع العالم بأن ما حدث على طاولة العرين هو حوار «ذي مغزى».