منصور الجمري
وزَّع رئيس بورصة البحرين سابقاً فوزي بهزاد تغريدة أرفق معها مقطع فيديو لندوة عقدت في العام 1991 كانت تتحدث عن رؤية للبحرين في العام 2010… حينها كان الحديث عن العام 2010 يبدو بعيداً جدّاً، لكنه كان محاولة جادَّة لطرح الأفكار التي يمكن أن تنير الطريق لمستقبل بحريني أفضل. ولربما كان من المناسب جدّاً مراجعة الأفكار التي طرحت قبل 22 عاماً، وكيف أنَّ التوجُّه نحو تنويع الاقتصاد كان، ولايزال، يحتاج إلى استراتيجية مترابطة، وواثقة، وفعالة لكي تتمكن البحرين من مواجهة التحديات والمتغيرات.
بين فترة وأخرى تمرُّ البحرين بفترة يتمكن فيها العقلاء من التحدث عن التحديات بمختلف أشكالها، ولربما نتحرك بصورة إيجابية لفترة مَّا، لكن سرعان ما نعود للوقوع في هفوات كان من الممكن تخطيها. ويمكن أن نستذكر الكثير من الأفكار المفعمة بالأمل والطموح التي مررنا بها خلال العقود والسنوات الماضية، وفي الحقيقة بعد قراءتي تغريدة بهزاد تذكرت أنَّني أجريت مقابلة (نشرت في «الوسط» بتاريخ 28 ديسمبر / كانون الأول 2004) مع وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة عندما كان سفيراً للبحرين في لندن.
الشيخ خالد طرح رؤية جميلة لما يودُّ أن يراه في البحرين على جانب آخر من الحياة العامة، وهو ما يتعلق بالنشاط الاجتماعي، إذ قال في تلك المقابلة: إنَّ «مملكة البحرين لديها مقومات كثيرة لا تتوافر لغيرها، ومن أهمها حيوية المجتمع البحريني وأصالته وتطلعاته، وهي خواص ارتبطت بسمعة البحرين الطيبة». وأضاف حينها أن «المجتمع المدني البحريني يعتبر من أنشط المجتمعات على مستوى الشرق الأوسط، ولذلك فإن الحكومة رحَّبت باستضافة مؤتمرات عدة تمثل هذا الجانب، وآخرها سيكون المؤتمر الذي سينعقد ما بين 8 و10 يناير/ كانون الثاني المقبل (2005) في المنامة بالاشتراك بين منظمة العفو الدولية والمجلس الأعلى للمرأة لمناقشة وسائل الحدِّ والمنع من ممارسة العنف والتمييز ضد المرأة… وعندما اتصلت منظمة العفو الدولية لعقد هذا المؤتمر لاقت كل ترحيب من الجهات الرسمية المعنية، ونحن الآن بصدد الاتفاق على موعد لزيارة لجنة حقوق الإنسان التابعة إلى جمعية المحامين البريطانية في الأسابيع المقبلة… وسيكون المجال مفتوحاً لهم للاطلاع على ما يدور في البحرين، وخصوصاً أنَّنا استفدنا كثيراً من تقاريرهم بشأن البحرين في السَّنوات الماضية». وأكد الشيخ خالد حينها أن «الأجواء الديمقراطية في البحرين أصبحت من المكانة بحيث تتحمل أية انتقادات أو إزعاجات كما هو حال الأجواء الديمقراطية في البلدان الأخرى التي تكثر فيها النَّشاطات والانتقادات»… الخ.
ولو قارنَّا وضعنا الحالي بما كان يتحدث عنه الشيخ خالد، فسنجد أنَّنا تراجعنا كثيراً، بل إنَّ المجتمع المدني (المسجل رسميّاً) في حالة موت سريري، ووضع النقابات العمالية يتعرض لتمزيق تتبناه جهات رسمية، وأصبح النشاط الاجتماعي المتحرك يتمثل في صحافة المواطنة على تويتر وفيسبوك ويوتيوب وفي النشاطات الأخرى التي تعيش خارج الإطار الرسمي الخانق. وهناك الكثير من المقارنات التي يمكن أن نجريها في مختلف المجالات، وأعتقد لو فسحنا المجال لعقولنا أن تتحرر من الأجواء غير السليمة، فإنَّنا سنجد أجوبة تساعدنا على تصحيح المسارات.