منصور الجمري
مع انهمار القوانين علينا في الوقت الإضافي للبرلمان الحالي، فإن مشروعاً حكومياً يضاف إلى القوانين «الاستنسابية» سيعدل بعض أحكام قانون الجنسية البحرينية للعام 1963 وسيفسح المجال لـ«إسقاط الجنسية البحرينية عن من تسبب في الإضرار بمصالح المملكة أو تصرف تصرفاً يناقض واجب الولاء لها».
الخطورة في القوانين الاستنسابية هي إفساح المجال للسلطات لـ «تقدير» الموقف بحسب المزاج السياسي، وإصدار قرارات إدارية أو أحكام سريعة وكأن الحالة تشبه مخالفة مرورية عابرة… سوى أن العقوبات التي تصدر عن تقدير السلطات ليس غرامة سرعة سيارة، إنما «إسقاط جنسية»، أو الحكم بالمؤبد (في حالة قوانين أخرى)، وكأن الوضع في «سوق الحراج»، إذ ليس هناك الكثير من الحساب أو العتاب.
البحرين صادقت على العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولكن لدينا الكثير جداً من القوانين المحلية والقرارات التنفيذية والممارسات التي تخالف القانون الدولي لحقوق الإنسان وتخالف أساسيات الدستور الذي ينص في المادة 31 على أنه «لا يكون تنظيم الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون، أو بناءً عليه. ولا يجوز أن ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق أو الحرية».
تعريف «واجب الولاء» غامض وليست له محددات واضحة تلتزم بالدستور أو بالقانون الدولي لحقوق الإنسان الملزم للبحرين، فالمفهوم أكاديمياً من «واجب الولاء» هو أن أي مواطن عليه أن يقدم مصلحة بلاده ومجتمعه على مصلحته الشخصية، ولذا فإن تحديد ما إذا كان المواطن قد أخلَّ بذلك سيحتاج إلى محاكمة مستقلة عن المزاج السياسي وملتزمة بالمعايير الدولية وملتزمة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان.
إن «الولاء» يعرفه أهل البحرين، لأنهم مدرسة بحد ذاتهم، ويمكن الاستعانة بتجربتهم في كل المحافل الأكاديمية والسياسية والحقوقية والنضالية، وذلك لأن تفاني أهل البحرين في حبهم وفدائهم لبلدهم لا يمكن أن تحدده «ضوابط تقديرية» تعطي المجال للسلطات أن تتخذ قرارا تبحسب متغيرات المزاج السياسي. فأي شخص يود أن يتعلم معاني الولاء فما عليه إلا أن يتعرف على أهل البحرين ومشاعرهم وطريقة تعاملهم مع الحياة اليومية، وكيف أن هؤلاء يقدمون أفضل الدروس في المعاني السامية للولاء والإخلاص لبلادهم. ولذا، فإنه من الحري بالمؤسسات والقوانين التي تصدر بين فترة وأخرى أن تتماهى وترتقي إلى مستوى أهل البحرين في العطاء والولاء، وألا ترتكب المزيد من المخالفات للأسس الدستورية وللقانون الدولي.