قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن «على السلطات البحرينية أن تحقق فوراً في إطلاق النار على رجل يبلغ من العمر 32 عاماً، كان قد وجد نفسه بالصدفة وسط مداهمة للشرطة بتاريخ 19 مارس/ آذار 2011».
وبحسب المنظمة، كان هاني عبدالعزيز عبدالله جمعة بين مجموعة كبيرة من الناس تم القبض عليهم، منذ استأنفت قوات الأمن نشاطها بالهجوم على المتظاهرين منذ 15 مارس 2011. ورفضت السلطات الكشف عن مكان احتجازهم أو الاتهامات المنسوبة إليهم.
وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، جو ستورك: «ألا يكفي أن السلطات ترفض قول أي شيء عن مصير أو مكان هذا العدد الكبير من المحتجزين، أو الاتهامات المنسوبة إليهم؛ فتحرم أهالي المصابين على يد قوات الأمن من المعلومات عنهم؟ هذا تطور جديد ومقلق».
وأشارت إلى أن هاني عبدالعزيز، عامل نظافة من قرية الخميس، وأب لتوأم يبلغان من العمر عاماً، خرج من بيت الأسرة حوالي الخامسة مساء يوم 19 مارس/ آذار. أبوه – عبد العزيز عبد الله جمعة – قال لـ هيومن رايتس ووتش إن ابنه كان قد خرج استجابة لهتاف أشخاص يستغيثون، فيما كانت شرطة مكافحة الشغب قد بدأت في مداهمة الحي كاملاً.
بعد 15 دقيقة، على حد قول أحد الشهود، شوهد جمعة يجري من دوار الخميس يلاحقه ثمانية من رجال شرطة مكافحة الشغب معتمرين الخوذات. وقال الشاهد الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية: «كان هاني يجري نحو بناية قريبة، تحت الإنشاء، والشرطة على مسافة 15 متراً خلفه. ركض متجاوزاً بيتي، إلى جوار البيت مباشرة».
وقال شاهد آخر إنه رأى الشرطة تطارد جمعة إلى بناية سكنية خالية تحت الإنشاء، لكن أدرك بعد ساعة ونصف أن جمعة لم يخرج من المبنى بعد أن غادرت الشرطة. أخبر الشاهد الناس بذلك، فخرج السكان يبحثون عن جمعة. عثروا عليه فاقداً الوعي، راقداً في بركة كبيرة من دمه، على حد قول الشاهد. ولحقت به إصابة جسيمة في ركبتيه وذراعه سببها إطلاق النار عليه من مسافة قريبة ببندقية خراطيش، على حد قول الشاهد لـ «هيومن رايتس ووتش».
وذكرت المنظمة أنها فحصت مسرح الهجوم في 22 مارس 2011، بعد ثلاثة أيام، واكتشفت وجود شظايا عظام، أكد خبير طبي أنها شظايا من عظمة الركبة، تتفق مع رواية إطلاق النار عليه من مسافة قريبة، وكذلك بقايا من أسنان وأنسجة بشرية مازالت عالقة على الجدار وسقف حجرة خالية، على ما يبدو تطايرت جراء سرعة وقوة الطلقات التي أصابت جمعة وشوهته.
وقال جو ستورك: «قسوة الهجوم على هاني جمعة الهائلة تستدعي فتح تحقيق فوري ومستقل، وأن يُحاسب الضباط المسئولون عن هذه الفعلة». وتابع: «لم تقر السلطات البحرينية حتى بمكانه، أو هي أوضحت لماذا كان راقداً هكذا غارقاً في دمه».
ونقلت «هيومن رايتس ووتش» عن شهود قولهم إنهم لفوا جمعة في بساط قدّمه لهم أحد السكان ونقلوه بالسيارة إلى مستشفى خاص قريب، حيث ناضل الأطباء قرابة الساعتين لجعل حالته مستقرة، بعد أن فقد الكثير من الدماء. وقال والد جمعة إنه عند نحو الساعة 9:20 مساءً، وصلت سيارة إسعاف من مستشفى قوة دفاع البحرين، برفقة رجلي شرطة مقنعين، وأعلن الضباط أنهم سينقلون ابنه إلى المستشفى العسكري. وكانت تلك هي آخر مرة ترى فيها الأسرة جمعة.
وقال الأب لـ «هيومن رايتس ووتش» إنه اتصل بمستشفى قوة دفاع البحرين في 20 و21 مارس/ آذار طلباً لمعلومات عن مكان ابنه وحالته، لكن مسئولي المستشفى لم يقدموا له أية معلومات. وقال: «قلت لهم إنني أعرف بمجيء سيارة إسعاف قوة دفاع البحرين ونقلها لابني إلى المستشفى، لكن الناس في المستشفى لم يزيدوا عن: لا ليس هنا». وقال الأب إنه قال للمسئولين إنه ووالدة جمعة سيحضران للبحث عنه، لكن ردهم كان: «لا تحاول». وقال جو ستورك: «شوهد هاني جمعة لآخر مرة وهو يُنقل بسيارة إسعاف تابعة لقوة دفاع البحرين، ونعرف من الشهود والخبراء الطبيين أنه لم يكن بإمكانه مطلقاً الهرب بعد أن تم إطلاق النار على ركبته من مسافة قصيرة». وتابع: «الجيش يدير مستشفى قوة دفاع البحرين، فعليه إذن أن يخبر أسرة جمعة بحالته وأين هو».
وذكرت المنظمة «حتى 23 مارس/ آذار، كانت جمعية الوفاق، الجمعية السياسية البحرينية البارزة، قد وثقت 112 حالة اختفاء لأفراد وكذلك عشرات المحتجزين، دون اتهامات، منذ عودة الهجمات على المتظاهرين في 15 مارس 2011»