بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تشير الانباء الواردة من العاصمة السورية، ان الرئيس السوري بشار الاسد، قد عين محافظ القنيطرة سفيرا لسوريا في بغداد، عاصمة القطر العراقي الذي يرزح تحت الاحتلال الامبريالي الصهيوني الفارسي، في الوقت الذي نقوم فيه بتصنيف سوريا بدولة الممانعة والمواجهة، وان كانت كثيرة من تصنيفاتنا لا علاقة له بما يجري على ارض الواقع.
حرصا على سوريا الارض والشعب والنظام، وقفنا دوما في خندق الدفاع عنها، وتجاوزنا الكثير الكثير من الممارسات التي لا تصب في المصلحة الوطنية والقومية، منذ ما يقرب من اربعين عاما، وبعد غزو العراق واحتلاله، فقد كانت هناك ممارسات يندى لها الجبين، اقدمت عليها السلطات السورية، من مثل تسليم بعض المناضلين للاميركان بشكل مباشر او غير مباشر، ووضع مراقبين على الحدود مع العراق، وسواتر ترابية لمنع وصول المقاتلين العرب الى العراق، واستقبال رموز العمالة والخيانة من افرازات الاحتلال.
تجاوزنا عن ممارسة التطبيع مع العدو الصهيوني، لان الجلوس مع العدو على طاولة المفاوضات هو نوع من انواع التطبيع، وابتدعنا ما يكفي من المبررات، لكي نحمي سوريا من المتربصين بها، لا خوفا من لغة التخوين السورية الجاهزة لكل من ينتقد المواقف السورية الرسمية، ولكن لاعتبارات قومية صرفة، لان الارض السورية ارض عربية والشعب السوري جزء من الشعب العربي، نأبى ايا كان موقفنا السياسي من أي نظام عربي، ان تمتهن كرامة الارض اوالانسان العربي من أي قوة اجنبية، وبشكل خاص من الامبريالية الاميركية او الصهيونية العالمية او المجوسية الفارسية.
ومع ان لغة الخطاب دوما باتجاه انتقاد المواقف السورية لغة اقرب الى العتاب، لاننا لا نريد لسوريا ان تكون مواقفها كما هي مواقف الاخرين، الذين نتناولهم في النقد والتجريح، ولكن المواقف السورية تبدو لايهمها الا مصلحة النظام السياسي، بدون اية اعتبارات وطنية او قومية، وهو ما دأب عليه النظام السوري منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي،كما حصل في الاصطفاف مع نظام الملالي في طهران، طيلة العدوان الفارسي على العراق، وما حصل في حفر الباطن، بالاذعان للاوامر الاميركية للقتال ضد العراق، تحت الراية الاميركية الصهيونية، ومع كل ذلك لم يدر في خلدنا الا ان نكون في الخندق السوري، كما قلنا لاعتبارات قومية.
نظام الحكم القائم في العراق من افرازات الاحتلال، وحكومة العراق القابعة في المنطقة الغبراء عملاء وخونة، فكيف يتم ارسال سفير لسوريا لتمثيلها امام من يفقد شرعية تمثيل العراق؟، وفي حماية قوات الاحتلال الاميركي، وهل في مقدور النظام السوري ان يدلنا على مبررات الاعتراف بافرازات الاحتلال من عملاء وخونة؟، واذا قدر لاسمح الله ان تكون سوريا تحت الاحتلال، وان يكون النظام السوري خارج السلطة، ويقاتل للدفاع عن سوريا لتحريرها من الاحتلال، فهل يقبل النظام السوري لاي جهة؟، ان تعترف بمن سرق السلطة وبالدبابات الاجنبية.
السفير السوري الجديد في بغداد الاول منذ ثلاثة عقود، حيث كانت العلاقات مقطوعة بين البلدين في العام 1980، ولا مجال للخوض في اسباب هذه القطيعة، لا ننا لا نريد ان ننكأ الجراح، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل ان عودة العلاقات بعد ثلاثين عاما يليق بسوريا؟، لارسال سفير لها لتمثيلها في العراق المحتل، في الوقت الذي كانت تناصب النظام الوطني في العراق كل صنوف العداء، حد التخندق القتالي ضده، اثناء العدوانين الفارسي والاميركي الصهيوني.
لست من المعجبين بالنظام السوري، و لست من المعادين له، وانا معه في أي مواجهة تستهدف سوريا، على الرغم من انني ممنوع من دخول سوريا لما يقرب من اربعين عاما، ومع ذلك فان امن سوريا الوطني والقومي هو بمثابة الامن الشخصي، ادافع عنه بكل ما استطيع، الا انني لست من القادرين على السكوت عن السقطات السورية الرسمية، وبشكل خاص بعد غزو العراق واحتلاله، ووصول النظام في سوريا حد التعري من كل شيئ، لارضاء الاميركان، بعيدا عن الهموم الوطنية والقومية.
ان تعيين سفير لسوريا في العراق لايتفق لا مع المصلحة الوطنية السورية ولا مع المصلحة القومية، اذا كانت سوريا ما زالت قلب العروبة النابض، ولن يفيد سوريا في شيئ، لان الاميركان لن يقبلوا منها كل ما تقدمه من تنازلات كما يفعلون اليوم، و سيجعل الموقف السوري اكثر ضعفا في اية مناظرة وطنية او قومية، وسيسجل عليها انها كانت مع افرازات احتلال بلد عربي، تم غزوه واحتلاله، واعتقال قيادته الشرعية والحكم عليها بالاعدام، فهل تقبل هي ان يتكرر السيناريو ذاته معها؟.
ان المزيد من التنازلات للاميركان والصهاينة لن يحسن صورة النظام السوري، فالاميركان والصهاينة لا يقبلون اقل من ان يرفرف العلم الصهيوني في سماء دمشق، ومن اجل ان لا يتم ذلك، فنحن حريصون على سوريا ان لا تقدم اي تنازل، لان تعيين سفير سوري في العراق المحتل هو تنازل للرغبة الاميركية، لاثبات ان العراق آمن، وهاهي علاقاته العربية مع جميع الدول العربية بما فيها سوريا قلب العروبة النابض.
سوريا عزيزة على قلب كل انسان عربي، والنظام السياسي فيها ايا كانت مواقفه، نتمنى ان لا يسقط في الاعيب السياسة الاميركية الصهيونية، بسبب الخوف والشعور بالعزلة، والعراق امل كبيرلسوريا وكل العرب، في مقاومته الباسلة لا في افرازات الاحتلال، من النفوس المريضة الذين جاءوا على الدبابات الاميركية، من اجل القتل والنهب والتدمير، ولهؤلاء مثيل في سوريا، نتمنى ان لا تسنح الفرصة ان تتكرر في قلب دمشق، خاصة اذا خذلنا المقاومة العراقية الباسلة.
كان حري بالنظام السوري ان يعلن اعترافه بالمقاومة العراقية الشجاعة، الممثل الشرعي والوحيد لشعب العراق، وان لا يدنس الشرف الوطني والقومي لسوريا، في تعيين سفير لها يمثل امام العملاء والخونة، ورب قائل ولم سوريا فقط، وان دولا عربية اخرى اقدمت على ما اقدمت عليه سوريا، وجوابنا ان لسوريا مكانتها الخاصة، يجب ان تحافظ عليها في نفوس الجماهير العربية، المؤمنة باهمية الدور القومي السوري، ونحن من هؤلاء الذين يتمنون لسوريا كل الخير.