عيسى سيار
لا أعتقد بأنه يختلف اثنان من أهل البحرين على أن هناك ظاهرة خطيرة برزت على السطح بعد الحركة الاحتجاجية في فبراير ومارس 2011 أصبحت تهدد الوحدة الوطنية والسلم الأهلي بين مكونات الشعب البحريني ألا وهي ظهور جماعات أو مجموعات تأخذ من بعض الساحات والفرجان مقرّاً لها وتمارس أدواراً خارج نطاق القانون.وتساهم في زيادة الاحتقان والتوتر بين الأهالي وتحت سمع وبصر أجهزة الأمن!
إن ما قام به بعض المجهولين كما وصفتهم التقارير الأمنية والإعلامية بالهجوم بالرصاص على مقر عمل النائب أسامة مهنا يعد مؤشراً خطيراً على تراجع الحريات وانتشار الفوضى غير الخلاقة، إن هذا الاعتداء المُدان ليس الأول من نوعه فقد تعرضت محلات مجموعة جواد لأكثر من خمسين اعتداء والكثير منها موثق من خلال الأفلام التي سجلتها الكاميرات والتي أظهرت بعضها مشاركة أو تغطية عدد من رجال الأمن على تلك الاعتداءات!
إن هذه المظاهر السلوكية المنافية للقيم يجب أن لا تمر مرور الكرام على من يملك القرار في هذا البلد! والتساؤل هنا هل يعقل أن يحصل هذا العدد من الاعتداءات دون أن تعرف الجهات الأمنية من هؤلاء المجهولون ومن يقف وراءهم، وأجهزة الأمن عندنا تتفاخر بسرعة القبض وفي فترات زمنية قياسية على الإرهابيين الذين يعطلون مصالح المواطنين.
إن البيانات التي تصدر عن الأمن العام بشأن تبرير وجود رجال الأمن في بعض الاعتداءات على محلات مجموعة جواد على أنها أعمال فردية ومعزولة غير مقنعة أضف إلى ذلك أن فشل أجهزة الامن ذات الجهوزية العالية في إيقاف اعتداءات المجهولين المستمرة على ممتلكات الغير يترك أكثر من علامة استفهام!
إن دولة القانون والمؤسسات لا يجب أن تترك جماعات أو مجموعات، كانت تعيش على هامش المجتمع وبعض أفرادها يكاد أن يكون منبوذاً بسبب تورطه في قضايا فساد وانحلال أخلاقي، تعيث في الأرض فساداً وتلعب بمقدرات ومصير هذا الشعب العظيم صاحب التاريخ الوطني العريق.
ورغم أننا لا نعوّل كثيراً على مجلس النواب، إلا أننا نقول لهم إن صدور تصريح يدين الاعتداء على مقر عمل أحد زملائكم لا يكفي لأنكم من المفترض أن تمثلوا الشعب! ألم تستدعوا وزير الداخلية قبل أشهر لكي تطالبوه بوقف أعمال قطع الشوارع والضرب بيد من حديد على الإرهابيين، فلماذا لا تستدعوه الآن لمعرفة من اعتدى على زميلكم في المجلس وعلى محلات جواد؟!
لذا يتوجب عليكم تخصيص جلسة أو أكثر لدراسة هذه الظاهرة الخطيرة وهي وجود المجموعات أو الجماعات شبه المسلحة حيث إن كل زعيم سياسي أو ديني أو كل حزب يملك مليشيات من خلالها يستطيع فرض أجنداته على الآخرين. إننا نقول لكم يا «نواب الشعب» إن تحركاتكم دائماً متأخرة وهي ردود أفعال على أفعال, على رغم أن المفترض أن تكونوا سباقين وتستشعروا نبض الشارع… ولكن لا حياة لمن تنادي!
إن العنف والعنف المضاد لن ينتج حلاً للأزمة الخطيرة القائمة التي تمر بها البحرين، ومن يعتقد ذلك فهو واهم. ونكرر نصحنا لمن يقف وراء بعض المجموعات ويغذيها بل ويحرّضها ونقول له سرعان ما سيكشف أهل البحرين عاجلاً أم آجلاً من يعملون على خلق فتنة واحتراب بين مكونات الشعب البحريني.
إننا نطالب أولاً جهاز الأمن بأن يقف بموضوعية وحيادية، ويبتعد عن الكيل بمكيالين فهو في الوقت الذي يشدد من قبضته الأمنية على من يعطلون مصالح المواطنين كما يقول من خلال قطع الطرقات فعليه بالمقابل أن يطلعنا على هوية هؤلاء المجهولين أو الجماعات المجهولة التي تهاجم القرى والمحلات التجارية وأخيراً استخدامها الرصاص في تهديد النائب أسامة منها. أجل إننا نطالب الأمن العام وهذا من حقنا كمواطنين بأن يطلعنا وفي أقرب الآجال وبشفافية تامة على تحركاته وإجراءاته في الكشف عن المجرمين المجهولين الذين يهاجمون المحلات والقرى كما نطالب بالكشف عن هوية المعتدي على مقر عمل النائب ومن يقف وراءه وتقديمه إلى العدالة وإلا فإن أسئلة الاستفهام ستبقى بدون إجابة بشأن حيادية أجهزة الامن.
كما نطالب الشعب البحريني بأن يفوت الفرصة على خفافيش الظلام ومن يقف وراءهم، وأن يحاول استخدام أقصى درجات ضبط النفس أمام استفزازات هؤلاء المجاميع وهم كما نعتقد ظاهرة وقتية وستذهب مع الريح كغيمة صيف ولن تبلل أهل البحرين بسمومها، كما أن الشعب البحريني لن يندم أو يأسف على ذهابها أو زوالها. فمن يرفع الشراع!؟