هاني الفردان
أعلنت صحيفة «الشاهد» الكويتية يوم الجمعة (10 يوليو/ تموز 2015) أن «الإرهابيَيْن السعوديين اللذين ألقي القبض عليهما في الخفجي والطائف، والمتورطين في تفجير مسجد الإمام الصادق بالكويت، قد اعترفا بأنهما حصلا على المواد المتفجرة المستخدمة في تصنيع الحزام الناسف من أحد المنتمين إلى تنظيم «داعش» في البحرين. وأفادا بأن «المواد الأولية قد دخلت إلى السعودية عبر جسر الملك فهد من البحرين، وأنهما جمعا المواد وأكملا صنع الحزام الناسف في إحدى الاستراحات بالقصيم».
رواية الصحيفة الكويتية قد تكون صادقة، وقد تكون مجافية للحقيقة أو بها نقص وعدم وضوح، إلا أن هذه القصة حتى هذه اللحظة لم تلق أي اهتمام من قبل الأجهزة الرسمية في البحرين، ولم يصدر منها أي رد أو توضيح سواء كان نفياً أو تأكيداً لها، وهو ما يثير تساؤلات كبيرة ويعطيها جزءًا من المصداقية في ظل غياب ما ينقضها وينفيها.
سبق ذلك الحديث أيضاً الكشف عن أن منفذ تفجير مسجد الإمام الصادق في الكويت، كان قد وصل إلى الكويت عن طريق البحرين على طائرة شركة طيران الخليج رحلة رقم 211 في تمام الساعة 1:10 من صباح الجمعة (26 يونيو 2015).
إلا أن وزارة الداخلية البحرينية سارعت إلى التوضيح والتأكيد بأن منفذ التفجير الإرهابي وصل إلى منفذ مطار البحرين الدولي قادماً من الرياض بتاريخ (25 يونيو/ حزيران 2015) في تمام الساعة 22:40 «ترانزيت»، وغادر إلى الكويت على طائرة شركة طيران الخليج رحلة رقم 211 في تمام الساعة 1:10 من صباح الجمعة (26 يونيو 2015)، أي إنه مكث في مطار البحرين ساعتين ونصف الساعة تقريباً.
تلك الأحداث يمكن ربطها أيضاً بما نقلته صحيفتا «الشرق الأوسط» و«الحياة» في 25 مايو/ أيار 2015 عن المتحدث الأمني بوزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي، بشأن تأكيده بأن المادة التي استخدمها الإرهابي في تفجير مسجد الإمام علي (ع) بمنطقة القديح بالقطيف هي من نفس المواد التي تم ضبطها على جسر الملك فهد، والتي كانت قادمة من البحرين ومتجهة إلى السعودية.
ما يدور في أذهان الكثيرين من البحرينيين، في حال صحة كل تلك الأحاديث، عن أن المتفجرات المستخدمة في تفجير مسجد شيعي في القطيف كانت شبيهة بما تم العثور عليه في الجسر وقادم من البحرين، وأن المتفجرات المستخدمة في تفجير مسجد شيعي في الكويت خرجت أيضاً من البحرين بحسب رواية الصحيفة الكويتية، وأن منفذ ذلك التفجير كان أيضاً في البحرين، وأن كميات من تلك المتفجرات موجودة في البحرين، وأن تنظيم «داعش» الذي استخدمها في السعودية والكويت، يمكنه أيضاً أن يستخدمها بسهولة في البحرين، بغض النظر عن أي ربط أو تحليلات، أو تهوينه أو الحديث عن الوقوع في «الفخ» الذي يروج له المتعاطفون مع «داعش» ومؤيدوهم.
هذه الهواجس والمخاوف حقيقة، في ظل وصول التنظيم التكفيري «داعش» إلى السعودية، الكويت، تونس، ليبيا، العراق، سورية، اليمن، وأخيراً وليس آخراً مصر. قناعتنا أن «داعش» تنظيم له وجود في البحرين، حتى مع رفض الجهات الرسمية الإعلان عن ذلك صراحةً، وحتى بعد إعلان قيادات ومنتمين بحرينيين لـ»داعش» عبر مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر» عن اعتقال مجموعة من الشباب «الموحدين» في البحرين.
مؤخراً تم الكشف عن ما يتم التستر عليه داخلياً، أو حتى تجنب الحديث عنه، فقد شاركت شخصيات «بحرينية» منتمية لـ «داعش» ومنهم محمد البنعلي، وكذلك أبو لادن الحربي، وأبو حفصة البحريني، ومحرقاوي موحد، وبتار بحريني، وغيرهم، في سرد أسماء معتقلين اعتقلتهم السلطات، وذكرت أسماءهم وأعمارهم ونشرت صورهم، منهم من اعتقل من مطارات خليجية وتمّ تسليمهم إلى الأجهزة الأمنية في البحرين، وآخرون تم مداهمة منازلهم، أو اعتقالهم من أعمالهم، أو من خلال ملاحقات ومطاردات، ومع كل ذلك لم يعلن عن أيٍّ من ذلك، ولم تنشر صور أي منهم رسمياً، ولم يتم الحديث عن ذلك أبداً في أية وسيلة إعلامية بحرينية، بل لجأ الجميع، سلطةًً وأجهزةً إعلامية، إلى التستر على ذلك والصمت وعدم الحديث، ضمن سياسة أن حق المتهم مصانة!
مع كل تلك الأحداث والقصص الوقائع والتسريبات عن «داعش» ومتفجراته وإنغماسييه، لازال طرف يرفض الاعتراف بوجود هذا التنظيم في بلدنا، بل يعتبره «فخاً» سياسياً، لجرّ البلاد إلى الديمقراطية، ولذلك فقد هدّدوا من قبلُ باستدعاء «القاعدة»، والآن يجاهدون للتستر على وجود «داعش».
ويبقى السؤال: هل المتفجرات التي استخدمت في تفجير مسجد الإمام علي (ع) بمنطقة القديح بالقطيف هي من نفس المواد التي تم ضبطها على جسر الملك فهد؟ وهل المتفجرات التي استخدمت في تفجير مسجد الإمام الصادق في الكويت خرجت من البحرين؟ ولماذا زار منفذ تفجير مسجد الكويت البحرين قبل التوجه إلى الكويت حتى لو كان ذلك لساعتين و«ترانزيت»؟ وإذا كان كل ذلك صحيحاً، فما هو حجم الخطر المحدق بنا في هذا البلد؟