
مريم الشروقي
هل تذوّقتم الطعم المر يا «أصالة» بعد أن أطعمتموه لفئةٍ من الناس قبل سنوات؟ ألستم من طالبتم بفصل العشرات من أبناء الوطن، وأرجعهم الشريف بسيوني بعد تقريره المكثّف؟ ألم تقطعوا أرزاق الناس من خلال التوصيات والخطابات الرنّانة بإيقاع أشد العقاب على من تظاهر؟ هذه الدنيا تدور وكفانا الله غدرها، وليتّعظ من يتّعظ فهي لا تدوم لأحد.
ومناسبة الحديث هو ما يحدث حالياً من احتجاجات لـ «جمعية الأصالة» ولنوّاب محسوبين على هذه الجمعية، بسبب فصل الأمين العام المساعد السابق، وقد عوّل البعض أنّ سبب الفصل هو انتماؤه لهذه الجمعية، مع أننا نشك في هذا التعويل، ونعلم بأنّ هناك أكبر من ذلك كما كشفت بعض الصحف المحلّية!
ينسحب النائب عبدالحليم مراد ومعه 12 نائباً، ويتّجهون إلى رئيس المجلس السابق خليفة الظهراني، ويحتّجون على ما حدث لهم من فصلٍ للأمين العام المساعد، ويقومون بتوزيع التصريحات يمنة ويسرة في شأن الفصل، أليس غريباً هذه الزوبعة حول فصل موظّف واحد، من حق رئيس المجلس فصله إن كان يرى في مسألة فصله قراراً صائباً يخدم الجميع؟
تجدونه صعباً اليوم فصل موظّف بغير الطرق الشرعية، أليس كذلك؟ تفتحون الدستور اليوم وتتحدّثون بأنّ ما حدث هو منافٍ للدستور وللحقوق، ولكنّكم تناسيتم قبل سنوات حقوق النّاس وخلطتم الأوراق عندما طالبتم بإيقاع أشد العقوبات، ونحن معكم… البعض يستاهل الجزاء، ولكن هناك شريحة كبيرة تم ظلمها في عمليات الفصل التعسّفي!
تجاوزتم المشاعر الإنسانية وتناسيتم قطع الأرزاق الذي لا يرضاه الله مهما حدث، وكنتم أوّل الجهات التي دعت إلى العقوبات التعسّفية، ولم نجدكم تدافعون عن النّاس أو تهدئون من احتدام الشارع، واليوم تكتوون بجزء بسيط من النّار ولا تتحمّلونها، مع أنّ رئيس مجلس النوّاب الحالي تصرّف وفقاً للقانون!
لماذا هذا الاستنفار في قضيّة الأمين المساعد للمجلس؟ ولماذا هذه الموجة الكبيرة من الغضب عن مسألة الفساد؟ ولماذا أيضاً إقحام رئيس مجلس النوّاب السابق خليفة الظهراني في هذا الشأن؟ وهل هناك فساد فعلاً نشهد عليه في الفترة المقبلة؟ نحن بانتظار الكشف عن المستور وعمّا يدور حول هذه القضيّة الحامية في جعبتكم!
إلى كل من غضب واستنفر بسبب فصل الأمين العام المساعد لمجلس النوّاب، نقول له تذكّر كل أولئك المواطنين الذين تمّ فصلهم تعسّفياً من وظائفهم بسبب التحريض والتشديد في العقوبات، وتذكّر قطع الأرزاق التي لا يرضى الله عنها، فهي لم تكن سهلةً ولم ينسها من اكتوى بتلك النّار، بل إنه لايزال هناك من لم يُرجع إلى عمله بعد، ومازال رزقه مقطوعاً.
شخص واحد قامت قيامتكم ولم تهدأوا بعد، فما بالكم بالمئات من أولئك الذين خسروا وظائفهم وقطعت أرزاقهم وأرزاق عيالهم، وبعضهم مازالوا يعانون الأمرّين من جرّاء ذلك الفصل؟ ولولا تضافر الجهود لكنّا نعاني من تلك الأزمة إلى يومنا هذه.