عقيل ميرزا
ذات مرة وكان ذلك قبل سنوات نشرت صحيفة الوسط «كالوساً»، يفيد بأن أحد أعضاء السلطة التشريعية استحوذ على سيارة فاخرة، خصصتها الأمانة العامة، لاستخدام جميع الأعضاء في الأحوال الاستثنائية مثل استقبال الضيوف، أو الزيارات الرسمية.
عضو السلطة التشريعية النزيه والمحترم، تعطلت سيارته، التي هي أساساً من المجلس أيضاً، فاستعار سيارة المهمات الاستثنائية الخاصة بمهام النواب، ولكنه لم يرغب في إرجاعها للأمانة العامة مرة أخرى، فلا هو أرجع سيارة المجلس، ولا الأمانة العامة لديها سلطة لاسترجاعها منه، ولكنها رجعت في اليوم الذي نشر فيه هذا «الكالوس» الصغير في الصحافة!!
العضو النزيه نفسه، وبدلاً من أن يندم على فعلته، ويفر بخطيئته، حتى لا يقال «حاميها حراميها» حاول معرفة من سرّبََ هذا «الكالوس»، ولكن محاولاته فشلت!!
أعلم أن هذه القضية إذا كانت تعد فساداً، لا تزن أكثر من وزن سرقة بيضة، أمام قطعان الجمال التي يلتهمها الفساد، كما تلتهم النار الحطب، ولكن من سرق بيضة، يسرق جملاً، والطامة هي من يعتمد عليه الناس في ملاحقة الفساد يحتاج إلى ملاحقة بتهم فساد.
يدور هذه الأيام حديث عن فساد في أمانة مجلس النواب، والغبار كثيف، والرؤية ضبابية، وغير واضحة، على الرغم من أن الفساد في بيت النواب إذا ثبت فهو فساد من طراز آخر، غير الذي نسمع عنه بالتأكيد، ذلك لأننا نتكلم عن المؤسسة المناط بها، فضح الفساد، وكشف عورته للشعب، وملاحقته، ومحاسبة المتورطين فيه، ومخجل أي خجل لو كانت الفضيحة التي ننتظر من النواب كشفها، هي معشعشة في بيت الشعب، فمثلاً لو كانت المطرقة النيابية التي يضرب بها الرئيس على طاولته، صنعت بصفقة فاسدة، فلن تستطيع هذه المطرقة إخافة فاسد، حتى لو تكسرت على طاولة الرئيس، ولو كان الورق الذي يكتب النواب عليه أسئلتهم للوزراء ورقاً تم شراؤه في ظروف غامضة، يشم منها رائحة فساد، مثلاً، فإن هذا السؤال لا يصلح إلا للتذويب في كأس ماء بارد يشربه صاحبه، لأن فاقد النزاهة، لا يمكن أن يوفرها لغيره!
هذا الدخان المتصاعد من أروقة أمانة النواب هذه الأيام، نتمنى أن يكون من دون نار، فنحن لم نسمع عن تحقيق في قضايا فساد في أمانة النواب منذ اليوم الذي تأسس فيه المجلس، ولكننا سمعنا عن لجان تحقيق، عقب أحداث 2011 مع موظفين في الأمانة، وكل ما نأمله أن تنتفض تلك اللجان من جديد للتحقيق فيما يشاع عن قضايا فساد، حتى لا يصبح بيت الشعب من زجاج، فإن أصبح كذلك فلن يقوى على رفع «حصميلة» وليس حجر في وجه فساد أوباطل.