هدية السلطة للمعارضة
هاني الفردان
الوضع في البلد بخير والحمد لله، وبزعم أحد الذين اعتدنا على «خزعبلاتهم» الدائمة في تقييمهم للوضع العام الذي نعيشه؛ فإن «الأزمة انتهت» والحمد لله، ومن يقول إن البحرين تعيش وضعاً مأساوياً فهو بالتأكيد إنسان مريض، فلا توجد مشاكل والحمد لله، ولا مصادمات والحمد لله، ولا خلافات والحمد لله، ولا قتلى ولا جرحى ولا مسيلات دموع والحمد لله.
كل ذلك الخير الذي نعيشه والحمد لله بفضل «الكتلة الصامتة» التي تكلمت أخيراً، والتي لم تنطق، إلا بفضلها وقدرتها، فبالتأكيد فإن تلك الجمعية «الملعونة» لا تمثلها والحمد لله
الحمد لله حتى الأخرس في بلدنا نطق وقالها «أنتم لا تمثلوننا»، فماذا تريدون أكثر من ذلك، الكل أجمع في هذا الوطن بمختلف انتماءاته وتوجهاته بأنه لا مشكلة ولا أزمة ولا هم يحزنون، فلماذا أنتم مصرون على أزمة وصفتموها بالسياسية الخانقة وليست هي موجودة إلا في عقولكم المريضة.
الحمد لله، كل الشعب يعيش في رضا وقناعة، والحمد لله «الاتحاد» تحقق، والحلم أصبح حقيقة وواقعاً لصد أية محاولة لتفتيت التعاون الواحد.
الحمد لله، أصبحنا نعطي الدروس لغيرنا في كيفية التعامل الراقي مع أي مطالب لفئات بسيطة ومحدودة وقليلة حتى وإن كانت مدسوسة وتحمل أجندات خارجية.
الحمد لله الشعب راض فلا مسيرات، ولا احتجاجات، ولا توجد قرى محاصرة، وقوات الأمن تدخل كل المناطق وتلقي عليهم بخيراتها وكرمها وجودها وعطائها من روائح المسك والعنبر، فينثر عليها الناس الورد والمشموم ترحيباً بقدومها الميمون لتبادلهم الحب والود ذاته.
هذه هي الأحلام الوردية التي نسمعها من البعض الذين يعيشون في عالم غير عالمنا ووطن غير وطننا، ولا يرون ما هو موجود على أرض الواقع، ولا حقيقة الوضع الخانق والمتأزم، فكل شيء بخير والحمد لله.
هذه الأصوات، هي الهدية الكبرى التي تقدمها السلطة إلى المعارضة، بالإضافة إلى ذلك السياسي معارض المعارضة، والذي كشف عن عمق إدراكه السياسي وتمكنه وخبرته الطويلة في فهم طبيعة الأمم والشعوب، وتركيبة الأوطان وربطها بالأحداث والمجريات العالمية والكونية في أن فئة معارضة رفضت الحوار لكون إمامهم سيخرج، إلا أنه لم يخرج فأربك المشهد السياسي من جديد.
منطق «معارض المعارضة» مضحك جدّاً، ومبك أيضاً، وجل ما لديهم كراهية وانفصام . أمثال هؤلاء هم أكبر هدية يقدمها البعض إلى المعارضة، وأمثال هؤلاء يعكسون مدى سذاجة المدافعين عن الواقع الخاطئ وضعفهم. أمثال هؤلاء يرسخون حقيقة واحدة هي أن السلطة عاجزة عن أن تجد لها من هو قادر على الدفاع عنها، فتلجأ إلى الأوراق البالية والقديمة ذاتها، والتي عفا عليها الزمن وأصبحت محروقة متهالكة، تضر أكثر من أن تنفع.