جميل المحاري
البرلمان الذي رفض إقرار مشروع قانون يحرّم التمييز بين المواطنين؛ البرلمان الذي لم يجرؤ على استجواب ولو وزير واحد، على الرغم من ملفات الفساد التي امتلأ بها تقرير ديوان الرقابة المالية؛ البرلمان الذي فشل في تحقيق ولو جزء بسيط من رفع المستوى المعيشي للمواطنين، وأُمر بتمرير الميزانية حسب ما تراه الحكومة؛ البرلمان الذي وقف ممثلوه في طاولة الحوار الوطني ضد أيّ طرح من قبل الجمعيات السياسية المعارضة يمكن أن يساهم في حلحلة الوضع المتأزم… هذا البرلمان الذي يدّعي أنه يمثل جميع فئات الشعب البحريني والذي عجز حتى الآن عن طرح ولو مقترح بسيط أو شبه مبادرة للمصالحة الوطنية… يطلب الآن من الجهات الأمنية استهداف عددٍ من الرموز الوطنية، والجمعيات السياسية المعارضة، وفئة محددة من المجتمع!
مثل هذه المطالب تمثل سابقةًً على المستوى العالمي، عجز عن الإتيان بمثلها أي من البرلمانات في أية دولة مهما كانت مصائبها السياسية. فليس من صلاحيات أو اختصاصات، أو حتى أخلاقيات النواب البرلمانيين أن يحرّضوا الجهات الأمنية على اعتقال مواطنيهم، وهم الذين يُفترض منهم الدفاع عن جميع المواطنين. كما ليس من المفترض أن تدعو سلطة تشريعية إلى مخالفة الدستور والتشريعات والقوانين المحلية والعالمية، بما في ذلك التشريعات الخاصة بحماية حقوق الإنسان، لمجرد اختلافهم سياسياً ومذهبياً مع المعارضة في بلدانهم، فهم من اختارهم الشعب للدفاع عن حقوقه ومراقبة أية تجاوزات قد تقوم بها السلطة التنفيذية ومحاسبتها على ذلك.
الأمرّ من ذلك أن هناك من يدّعي بأنه لا يدعو إلى عقوبات جماعية ضد فئة محددة من المجتمع، وأن ما يدعو إليه هو مجرد تطبيق القانون وإنفاذه.
إن تطبيق القانون بالنسبة لهم ليس مجرد القبض على مرتكبي عملية أو جريمة ما وتقديمهم إلى المحاكمة، فذلك ليس كافياً بالنسبة لهم، وإنّما ما يطالبون به هو استهداف عنصري وطائفي غير إنساني.