هاني الفردان
نصت المادة (78) من الدستور على أن «يؤدي كل عضو من أعضاء مجلس الشورى ومجلس النواب، في جلسة علنية وقبل ممارسة أعماله في المجلس أو لجانه اليمين التالية: أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاًً للوطن وللملك، وأن أحترم الدستور وقوانين الدولة، وأن أذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وأن أؤدي أعمالي بالأمانة والصدق».
ونصت المادة (89) الفقرة (أ) على «عضو كل من مجلس الشورى ومجلس النواب يمثل الشعب بأسره، ويرعى المصلحة العامة، ولا سلطان لأية جهة عليه في عمله بالمجلس أو لجانه».
انتشر مؤخراً مقطع مصوّر للنائب سعادة عدنان المالكي يتحدث في ندوة عامة أمام جمع من الناس عن مشاريع إسكانية، وخدمات نيابية، فالموضوع ليس مستغرباً فالنائب البحريني منشغل عن التشريع في البحث عن الخدمات، والاهتمام بقضايا الناس ويسعى لحل مشاكلهم في الإطار الضيق المحصور بدائرته.
إلا أنه عندما يخرج نائب يفترض فيه أن يكون ممثلاً للشعب، على حد قولهم دائماً، إذ يرفضون اتهامهم بعكس ذلك، بل يرون أنهم يمثلون الإرادة الشعبية، وأنهم صوت الأمة ولسانها، ومع ذلك يكون حديثهم طائفياً بدرجة عالية الوضوح، فماذا يمكننا أن نقول؟
يقول سعادة النائب في مقطع مصوّر «ذهبت مع ثلاثة نواب (الشيخ عبدالحليم مراد، علي الزايد، وعيسى القاضي) للطلبات الإسكانية من عام 1993 لغاية العام 1996 وطلعوا لنا الكشوفات، وتم مطابقتها مع ما لدينا من كشوفات»، إلى هنا الكلام جميل. ولكن عندما يتحدث النائب عن احترامه للفئة الثانية، ويقول «إحنا حطينه خطة. ما نبي مشاكل، وعرفنا المشاكل صارت، وشبعنا منها، وقلنا يا جماعة ربعنا نبيهم يكون بروحهم، وما نبي تصير مصادمات».
رحم الله والدي النائب، لم يبخس حق الفئة الثانية، وألا هم مو ربعه، وقالها صراحة «لهم الحق مثل ما لنا، بس ودوهم الجهة الثانية، عندهم توبلي سترة، ودوهم مناطقهم».
سعادة النائب المالكي، كشف عن أن (الوزارة) أعطتهم وفق خطتهم الطائفية والفئوية والمخالفة للدستور والقانون والتي يجب أن يحاسب عليها وزير الإسكان قبل النواب، أعطت النائب المالكي كما قال على لسانه 110 وحدات سكنية، وأعطت النائب عبدالحليم مراد 120 وحدة سكنية، وأعطت النائب علي الزايد 109 وحدات سكنية، فعلى أي أساس أو مبدأ أو قانون أو حتى قرار يتم ذلك؟
النائب المحترم والبقية قاموا بإرسال رسائل نصية إلى الناس طبعاً من (الفئة الأولى والتي هي فئته/ ربعهم على حد قول سعادة النائب) لحصر الطلبات الإسكانية ما بين عامي 93 و96، وبكرمٍ منهم قاموا بتمديد المدة أيضاً لمن تأخر.
بعد هذا المقطع المصور والمسجل وبلسان سعادة النائب، هل يوجد قانون في هذا البلد، يمنع هذا التمييز الفاحش بين المواطنين والذي يقسم الخدمات على أساس فئتين (فئة أولى، وفئة ثانية)، وهؤلاء ربعنا وجماعتنا، وأولئك جماعتهم وربعهم؟
أي بلد في العالم يقبل بأن يقوم نائب برلماني بتسلم وحدات إسكانية وخدمات حكومية، ويقوم بتوزيعها بنفسه، وفقاً لمعاييره الفئوية والطائفية، وبالتعاون مع جهة رسمية؟
أي بلد في العالم يقسم النواب فيه الشعب لفئات، فئتنا، وفئتهم، وأي مملكة في العالم تقبل بأن تقسم مناطقها بين لنا ولكم؟ وأي سلطة في العالم، تكون خدماتها بحسبة طائفية؟ وأي حكم في العالم يقبل بهذه اللغة المقززة من الخطاب الفئوي.
سعادة النائب، سعادة وزير الإسكان، هناك نص دستوري واضح خالفتموه، إذ نصت المادة (18) على أن «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة».
سعادة النائب، ألا تعتقد أنك خالفت هذا النص عندما قسمت المواطنين إلى فئتين، وميزت بينهم على أساس الدين والعقيدة؟ وعندما قلت جماعتنا وجماعتهم، مناطقنا ومناطقهم، ألا تعتقد أنك خالفت مرسوم بقانون رقم (54) لسنة 2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب، والذي نص في المادة (186) على أنه «لا يجوز للعضو أن يأتي أفعالاًً داخل المجلس أو خارجه تخالف أحكام الدستور أو القانون أو هذه اللائحة»؟
أيعقل أن يكون نائب في البرلمان يتكلم بهذه الصراحة الشديدة والعلنية، وبلا خجل، وبلغة تمييزية تشطيرية، تقسّم الشعب الواحد إلى فئتين ومعسكرين، رغم أن الجميع مواطنون، هل نتوقع في المستقبل أن تكون لنا مستشفياتنا ولكم مستشفياتكم، ولنا مدارسنا ولكم مدارسكم، ولنا شوارعنا ولكم شوارعكم، أهذه هي خطة المصالحة الوطنية التي تقوم بها السلطة حالياًً؟ أم هي نتاج ثمار مشروع «وِحدة وَحدة»، فإذا كان كذلك… فطنبورها.