مرت علينا الأيام الماضية بحلوها ومرها وبنكهتها الخاصة في خضم تغطية فعاليات وأخبار الانتخابات النيابية والبلدية وما سبقها من تصريحات وتحالفات من جهة، وحرب كلامية بين المترشحين من جهة أخرى وصلت الى حد استصغار مكانة المنافسين، ونشر الدعايات المضادة وخاصة الدينية منها لتحقيق هدف إسقاطهم.
وقد جاء تفاعل الصحافة المحلية مع المترشحين من ناحية مبدئية داعمة للمشروع الإصلاحي لجلالة الملك، وتوصيل الرؤى المتنوعة لمن ينوي خدمة الشعب، انعكس ذلك في ارتفاع عدد وحجم اللقاءات المجانية مع المترشحين في معظم الصحف المحلية، رافق ذلك نشر أخبار ملأت الصفحات بوعود للناخبين التي قد تتحقق أو تتبخر (الله أعلم) بعد بدء المجلس التشريعي المقبل مسيرته.
ولربما يبقى المواطن البحريني، يحمل همومه، ويعيش كدر أربع سنوات أخرى، هذا الكدر والضيق وعدم التفاؤل كلها مخاوف سمعتها من عدد كبير من المواطنين خلال جولاتي في خيام المترشحين رغم حضورهم المستمر الى هذه الخيام، وعزمهم المشاركة الواسعة في الانتخابات.
ان المتتبع لصورة ومشهد حراك المجتمع البحريني في ليالي الاستعداد والتحضير للترشح، والولوج في العملية الانتخابية التي كانت في زهوها، وقمة تغريدها على مدى شهرين متتالين وزعت فيها المأكولات والمشروبات والعطورات والكوبونات، ورممت فيها بعض البيوت، وقدمت الرشاوى التي كانت هي أبعد عن روح المواطنة.
ويكاد المتتبع ألا يصدق أن أجواء الاستعدادات للانتخابات تجري على قدم وساق، وكأن شيئا لم يحدث، وكانت حالات النكد والتنغيص على حياة المواطن وأمنه التي جرت في أغسطس الماضي كأنها لم تكن، لم تحدث على الاطلاق وكان الجميع قد نسوها.
وتؤكد هنا أن بعض المتعاطين في الشأن السياسي قد راهنوا كثيرا على تفاقم الوضع، وان هذه الأحداث ستؤثر سلبا على سير العملية الانتخابية، وتراجع نسبة المشاركين فيها، وها نحن نرى ما خالف توقعاتهم وتحليلاتهم حيث وصلت نسبة المشاركين الى 67 بالمائة وهي نسبة عظيمة بكل المقاييس.
وفي زاوية أخرى، ذكر مواطنون أن هناك جمعية سياسية ستستفيد من حالات عدم الاستقرار الامني، وستستغل أحداث الشغب في الترويج لقائمتها وبرنامجها كونها تمتلك الأغلبية من المؤيدين في وسط طائفتها، وستدفع باتجاه المشاركة لإيصال نوابها الى قبة البرلمان، وهكذا كانت الأمور لصالحها من خلال نتائج انتخابات 23 من هذا الشهر، وبغض النظر عن هذا وذاك، نقول: "إن الدفع بالمشاركة في العملية الانتخابية بحد ذاتها هي مسئولية وطنية مهما كانت النوايا".
وقد لمسنا عن قرب ما جرى في هذه المرحلة من تخطيط ووضع برنامج عمل المترشحين، وما جرى من حوارات مع الأهالي، وما تم تنظيمه من مهرجانات خطابية، ارتفع على ضوئها عدد المتقدمين المترشحين لعضوية مجلس النواب والمجالس البلدية الخمسة، وارتفع معها الحضور الجماهيري.
كما كشفت المرحلة بشكل عام دخول السباق هذه المرة عدد كبير من المحسوبين على المستقلين (رغم اني لا أرى وصف المستقل دقيقا في هذا الشأن) طالما للمستقل رأي خاص به، والبعض أعلن انه (مستقل) بينما هو منطو تحت جمعية سياسية.
دخل المستقلون المعترك الى جانب جمعيات سياسية مثلت خطوط الأسلمة والمركسة والقومية مما شكل خليطا مميزا.. وقد اعلن ممثل احد الجمعيات (الممثل الوحيد) انه في حالة فشله في الانتخابات، فلا تستحق جمعيته البقاء.. فهل سيفي بوعده؟ وبغض النظر عن من فاز ومن خسر، فإن تنوع المشاركة بهذا الكوكتيل (الخليط) السياسي، أعطى الانتخابات نكهة خاصة تميزت عن انتخابات 2002 و.2006
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.