هاني الفردان
تسير على الطريق السريع، فجأةً تكتشف أن الطريق مغلق بالقرب من مدخل لأحد المناطق، وسواء كان ذلك ليلاً أو نهاراً، زحام شديد يخيّل إليك من الوهلة الأولى أن حادثاً مرورياً أمامك، أو أن حريقاً مفتعلاً للإطارات أغلق الطريق.
في خضم الانتظار والطابور الطويل تكتشف أن أمامك نقطة أمنية يجب أن تتوقف عندها، وألا تفكر أبداً بالرجوع للوراء، فذلك التفكير يعني هروباً يترتب عليه ملاحقات واتهامات، حتى وإن كنت تسعى لتفادي الاختناقات اختصاراً للوقت وتفادياً للإرباك.
الوضع طبيعي، إجراءات روتينية معتادة لن يتخللها أي نوع من أنواع فقدان للأجهزة الإلكترونية ولا الهواتف النقالة أو المبالغ المالية، كما كان معروفاً سابقاً، هذا ما يتصوّره البسطاء.
بعد انتظار طويل، تصل إلى نقطة الصفر، لتبدأ من جديد قصة مختلفة مع النقطة الأمنية. تقف ليرحب بك شخص مدني يطلب «الهوية» بالبحريني ما يثبت الشخصية وهي البطاقة الذكية، ثم يطلب منك «تكوّع» الركون للجانب الأيمن لتنتظر اتصالات يجريها ويتلو على الطرف الآخر رقمك الشخصي، ويأتيه الأمر إما مطلوب فلا داعي لأي إجراء آخر سوى الاعتقال، أو ليس مطلوباً.
الحمد لله لست مطلوباً أمنياً، ولكن من الصعب أن تمضي بلا تذكار، لمرورك على النقطة الأمنية… فيذهب المدني، ويأتيك رجل المرور، والسؤال الأول: هل كنت واضعاً لحزام السلامة. للأمانة لم أكن قد وضعته، ولكن لطول مدة الانتظار كنت قد خلعته، لم يجد رجل المرور ما يثبت عكس ذلك، طلب رخصة القيادة تفحصها وجدها منتهيةً منذ شهرين، إنها التذكار الذي سأخرج به من النقطة الأمنية. مخالفة انتهاء رخصة القيادة، برحابة صدر تقبلتها كالعادة.
أثناء تقييد المخالفة، استغربت من سؤال رجل المرور: هل تحفظ رقمك الشخصي؟ قلت له: لماذا؟ قال: قله لي. قلت له مكتوب في الرخصة. قالي لي ليس واضحاً! قمت بإملائه عليه.
وفيما أنتظر الانتهاء من إجراءات الفحص الأمني لشخصيتي، كان في محيطي عشرات السيارات، منها من ينهي إجراءات المرور، ومنها من ينتظر دوره. أحدهم مع زوجته كان منشغلاً بإزالة التظليل (الرايبون)، لم يكن أسود بالكامل كما نراه في سيارات من لا يطالهم القانون، أو لا يقفون في مثل هذه النقاط الأمنية، أو لا يتم توقيفهم.
آخر، وقف بسيارته أمامي، عشت معه لحظة فحص فني بالكامل، فلم يكن مطلوباً، ولم يجد رجل المرور ما يخالفه عليه، فقد كان ملتزماً بكل شيء، إلا أن التوجيهات ربما كانت صارمة: لا عبور من دون مخالفة، فطلب منه تشغيل الإنارة الأمامية، ومن ثم «السكنيرات»، والضغط على الكوابح لفحص الإنارة الخلفية، ومن ثم صبغة السيارة، حتى وصل رجل المرور إلى فحص العادم والخارج منها، والإطارات.
أعتقد باختصار أن الرجل نجح في الفحص، وكان من المفترض على رجل المرور، أن يقدم له استمارة الفحص المخصصة بالإدارة العامة لمرور، حتى لا يعيد الكرة ذاتها خلال الفحص الفني السنوي.
كنت بعيداً عن الرجلين ولم أسمع الحوار بينهما، إلا أني استغربت من تحرير مخالفة مرورية له، ولكن ما هو السبب «الله أعلم».
في مشهد آخر، لم أره وإنما نقله لي أصدقاء تعرّضوا للموقف ذاته، فقد حصلوا على مخالفات ضمن خانة «أخرى» مفتوحة لا تعرف سببها، فقد قيل لهم إنها متعلقة بنظافة السيارة، إذ بات واضحاً – إن صحت الرواية – أن الإدارة العامة للمرور مهتمة جداً بنظافة مركبات المواطنين لتعكس بذلك الوجه الحضاري للوطن. البعض الآخر تحدّث عن جملة مخالفات تحرر للسائق الواحد.
المشهد الغريب في النقطة الأمنية أن الأغلبية يتم إيقافهم وتفحص هوياتهم، إلا أن أقلية، وكان أحدهم أمامي لمجرد الكلام مع السائق مرر، من دون طلب الهوية أو حتى معايدته بالمخالفة المرورية، إذ كان جواز مروره لهجته العامية.
تحليلي للمشهد، ولماذا تم إيقافي وغيري، هو لأنني باختصار مكشوف الهوية من الوهلة الأولى ومن أول كلمة، وبعد مطالعة «الهوية» تنكشف منطقتي السكنية! فمشاهد النقاط الأمنية محصورة في مناطق معينة لا تتعداها، ولا نشاهدها في مناطق أخرى، ما يوحي بأن المستهدف في القضية ليس سلامة الحركة المرورية ولا نظافة المركبات الآلية.
أعلم أن بعد هذا الحديث ستردني قصص وحكايات عن أغرب المخالفات.