هاني الفردان
أعلنت وزارة الداخلية يوم الأربعاء (23 أبريل/ نيسان 2014) «إبعاد» الشيخ حسين النجاتي عن البلاد بشكل رسمي. وعللت الوزارة قرارها بكون النجاتي يشغل منصب وكيل المرجع الديني العراقي السيدعلي السيستاني، ويمارس نشاطاً بشكل «غير واضح ومن غير تنسيق مع الجهات الرسمية بالبلاد، ويجمع أموالاً ويقوم بتوزيعها باسم المرجعية التي يعمل ممثلاً لها، مما عزّز الشكوك حول هوية النجاتي»، على حد قول الوزارة في بيانها.
وفي ضوء ذلك «ارتأت» وزارة الداخلية من دون اللجوء إلى القضاء باتخاذ قرار «إبعاد» النجاتي؛ «من أجل تصحيح الأوضاع وفق مقتضيات القوانين والإجراءات المعمول بها في البحرين».
فما هي الإجراءات القانونية المعمول بها في البلاد، والتي خوّلت لوزارة الداخلية منفردة اتخاذ قرار «إبعاد» إنسان (مواطن أو مسقطة جنسيته) من البلاد؟
في بادئ الأمر نصت المادة (17) الفقرة (ب) من دستور البحرين على أنه «يحظر إبعاد المواطن عن البحرين أو منعه من العودة إليها».
ستذهب وزارة الداخلية لاعتبار النجاتي «ليس مواطناً»، وذلك بعد أن قرّرت أيضاً منفردة بإسقاط جنسيته مع 30 مواطناً في السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، مخالفة بذلك نص القانون الذي أسند حق إسقاط الجنسية إلى الملك، ووفقاً لقانون الجنسية البحرينية (المعدل) للعام 1963؛ فإن المادة العاشرة نصت بصراحة واضحة في بند «إسقاط الجنسية» على أنه «يجوز بأمر عظمة الحاكم إسقاط الجنسية البحرينية من كل من يتمتع بها في الحالات الآتية: إذا دخل الخدمة العسكرية لإحدى الدول الأجنبية وبقي فيها على رغم الأمر الذي يصدر له من حكومة البحرين بتركها، أو إذا ساعد أو انخرط في خدمة دولة معادية، أو إذا تسبب في الإضرار بأمن الدولة». كما أعطى القانون الحق ذاته للملك في رد الجنسية البحرينية.
واشترط القانون في كل حالة من حالات إسقاط الجنسية أن يتم سحب الجنسية أو فقدانها أو إسقاطها بأمر عظمة الحاكم نظراً إلى خطورة هذا الإجراء. ولم يتحدث القانون عن أن يكون القرار بيد وزارة الداخلية، لأن القانون استشعر الخطورة في الموضوع ووضعها بيد الحاكم فقط لا غيره. وحتى الآن فإن المعلن رسمياً أن ما أسقط الجنسية «قائمة الـ31» قرار من وزارة الداخلية.
وبدا واضحاً أن وزارة الداخلية اعتمدت في قرارها على «إبعاد» النجاتي من البحرين، على قرارها السابق بإسقاط جنسيته، وفي حالتي القرارين (إسقاط الجنسية والإبعاد)، نجد أن الوزارة قد خالفت صريح القانون.
نص قانون رقم (56) لسنة 2006 بالموافقة على انضمام مملكة البحرين إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي جاء في مادته (13)، «لا يجوز إبعاد الأجنبي المقيم بصفة قانونية في إقليم دولة طرف في هذا العهد إلا تنفيذاً لقرار اتخذ وفقاً للقانون، وبعد تمكينه، ما لم تحتم دواعي الأمن القومي خلاف ذلك، من عرض الأسباب المؤيدة لعدم إبعاده ومن عرض قضيته على السلطة المختصة أو على من تعينه أو تعينهم خصيصاً لذلك، ومن توكيل من يمثله أمامها أو أمامهم».
مع ذلك، ما هو مؤكد أن السلطات البحرينية قبل إقرارها بـ «إبعاد» النجاتي من البحرين سلّمته جواز سفره البحريني بجنسيته البحرينية والصالح لمدة خمس سنوات تقريباً (رقم الجواز: 1958345، وتاريخ انتهائه 10 نوفمبر 2020) وهو ما يعد اعترافاً منها بعدم «إسقاط جنسيته» أو تراجع عنه، كما أن خروجه من مطار البحرين، ووصوله إلى مطار بيروت تم من خلال جواز يحمل الجنسية البحرينية، وإلا فكيف خرج من البحرين ودخل لبنان؟، ولماذا أصدرت له «الجهات الرسمية» تأشيرات دخول للعراق، وكذلك لدولة غربية بجواز سفره البحريني؟!
وعلى إثر ذلك، فإن النجاتي غادر البحرين وهو «بحريني» الجنسية وبالوثيقة الرسمية، وأن نص المادة (17) الفقرة (ب) من دستور البحرين التي تحظر إبعاد المواطن عن البحرين أو منعه من العودة إليها»، تنطبق تماماً على النجاتي الذي أبعد من البحرين رغم كونه مواطناً يحظر الدستور «إبعاده» تحت أي ظرف.
فإذا كان النجاتي خرج من البحرين بجواز سفره البحريني، فما هو المسوغ القانوني الذي على إثره أعلنت وزارة الداخلية «إبعاده» من البلاد؟ وهل يحق لها إبعاد مواطنين عن بلدهم خلافاً لنص الدستور الذي يحظر ذلك؟ وهل يمكن أن نعتبر ذلك «نفياً» لمواطن بحريني اعتماداً على بيان وزارة الداخلية، إذ لا يمكن إسقاط كلمة «إبعاد» التي تستخدم للأجنبي، على مواطن بحريني غادر بلاده بجواز سفره وجنسيته البحرينية؟