هاني الفردان
لدينا أزمة بطالة، حتى وإن تم تطويقها ومحاصرتها بقانون التأمين ضد التعطل، لفرض شروط ومعايير جديدة في احتساب وتعريف العاطل.
شد انتباهي بيان رسمي رداً على بيان لجمعيات سياسية، مستنكراً فيه الحديث عن أن البحرين تعيش «أزمة»، مؤكداً البيان على أن مصطلح «الأزمة» التي دأبت هذه الجمعيات على ترديده ضمن أدبياتها، إنما يعكس «حالة التأزم التي تعيشها هذه الجمعيات»!
والسؤال، هل شهدت البحرين «أزمة» سواء كانت سياسية أو دستورية أو اجتماعية أو حتى اقتصادية، وهل هناك من ينكر حدوثها ووقوعها؟
قد يختلف البعض مثلاً على استمراريتها، فلدى الجهات الرسمية أن «الأزمة» انتهت ولكنها كانت موجودة، ولكن لدى المعارضة وقواعدها فإن الأزمة مازالت مستمرة بل «استفحلت وتعمقت» أيضاً.
على صعيد الإسكان، فإن البحرين تعيش أزمة إسكانية حقيقية، منذ سنوات طويلة، كما تعيش البحرين حالياً أزمة مالية حقيقية تطلبت إجراءات تقشفية رسمية باتت علنية، وطالت الكثير من المفاصل العامة.
في الوقت الحالي نعيش أزمة دستورية لن يعترف بها أحد وهي تأخر تسليم الحكومة مشروع الموازنة العامة للدولة لعامي 2017 و2018، وهو المشروع المفترض تسليمه منذ مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحسب القانون.
لدينا أزمة بطالة، حتى وإن تم تطويقها ومحاصرتها بقانون التأمين ضد التعطل، لفرض شروط ومعايير جديدة في احتساب وتعريف العاطل.
لدينا أزمة اجتماعية، وانقسام، ولدينا توتر أمني، وحصار منطقة الدراز الذي أوشك على إكمال العام، وأزمات يخلقها تساقط الأمطار تنعكس أثارها على شوارعنا، ومنازلنا، ومناطقنا التي تتحول إلى مستنقعات.
أهلنا يعانون من أزمة توظيف، وتوجه رسمي نحو تفضيل الأجنبي، حتى تحول المسئولون لمدافعين عن خيارات خاطئة، وخطط مدمرة، بعد خلق ذرائع واهية من أن البحريني يرفض العمل في القطاع العام ويفضل الخاص، وذلك لتبريرهم توجههم نحو الأجنبي.
بلغ بِنَا الحال حتى أصبحت لدينا في وقت من الأوقات «أزمة النفايات»، والتي بدأت مع تسلم شركة النظافة الإسبانية أعمالها في الأول من شهر يوليو/ تموز 2016.
سياسياً، وعلى سبيل المثال، فإن وزيراً بحرينياً في حديث لصحيفة «الشرق الأوسط» (16 أكتوبر/ تشرين الأول 2015) قال إن «الأزمة السياسية السابقة في البحرين كانت مذهبية»، وهذا الحديث مثلاً ترفضه قوى المعارضة الوطنية، بل وتؤكد أن الأزمة سياسية مستمرة حتى الآن، ولكنها ليست مذهبية أو طائفية، ولم تغير موقفها من ذلك منذ بداية الأزمة وحتى الآن، بينما كبار المسئولين ينتقلون بين كون الأزمة طائفية مرة، وأخرى ليست طائفية، وذلك حسب المعطيات الإقليمية والظروف المحيطة والاستفادة من ذلك.
الاتهامات دائماً ما تكون جاهزة ومعلّبة لأي شخص يتحدث عن أية قضية سياسية أو اقتصادية أو حقوقية في البحرين، إذ سيكون متهماً بالعمالة إلى الخارج، أو تشويه سمعة البحرين لتحقيق أجندات خارجية. كما أن المنظمات أو الجمعيات ستكون متهمة بأنها طائفية أو أنها «مسيَّسة» رغم كونها جمعية سياسية، وأنها لا تحب الخير للبحرين! في حال كان حديثها لا ينسجم مع رغبات الجهات الرسمية!
المشكلة في كل من يطلق تلك الاتهامات، أنه لا ينظر إلى أصل القضية وحقيقتها، ولا لصحة المعلومات، وليس من جاء بها أو كيف جاء بها، أو ممن أخذها.
عندما تتحدث عن أي أزمة في البحرين وتسلط الضوء عليها فإن ذلك من أجل إيجاد الحلول لها، فمن يشوّه سمعة البحرين ليس من يكون أميناً عليها ويتحدث بصدق وإخلاص حول القضايا بهدف إصلاحها وتجاوزها، من خلال تعريفها، والاعتراف بها، ثم إيجاد الحلول لها.
فإذا كانت نظرية الحديث عن «الأزمات» التي تمر بها البحرين تشويهاً لسمعة الدولة أو اختلاق ما هو غير موجود، فإن مجلس النواب مثلاً متهمٌ أيضاً بذلك كونه يتحدث عن أزمات كثيرة تمر بها البلاد، والنواب يسعون لمحاسبة وزراء ومسئولين وكذلك أجهزة رسمية، ومساءلتهم، فلا أعتقد أنه عندما يتحدث النواب عن أزمة ما ستخرج عليهم جهة رسمية تقول لهم أن هذا المجلس دأب على ترديد مصطلح «الأزمة»، وهو ما يعكس «حالة التأزم» التي يعيشها!
يقال أن أول خطوة في حل أي أزمة هي الاعتراف بها، وبخطورتها، وقياس أثرها ومعرفة تداعياتها، وإنه في حال إنكار وجود تلك الأزمات فإنها ستتفاقم سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية.
ولذلك لازلنا نؤكد ونشدد على أن تضميد الجراحات، وخلق المبادرات، وتلاقي الإرادات، وحده ما سينقذ البلاد ويصلح نفوس العباد، ويضعنا على الطريق الصحيح لإنهاء كل تلك الأزمات.
العدد 5320 – السبت 01 أبريل 2017م الموافق 04 رجب 1438هـ