ندوة نظمتها جمعية التجمع القومي الديمقراطي مساء أمس الأول (الاثنين) 16 مارس 2015 بمقر الجمعية بالزنج :
خليل: مستعدون للجلوس إلى طاولة الحوار…
والقصاب: على الأطراف القبول بتقديم تنازلات لضمان تحقيق العدالة والتعايش
خليل: آمل أن يكون 2015 عام الحلول السياسية…
والقصاب: المسئولية الوطنية ليست في رفع سقف المطالب إنما العمل على تقليل الخسائر
أبدى القيادي بجمعية الوفاق عبدالجليل خليل استعداد القوى الوطنية المعارضة للجلوس مجدداً إلى طاولة الحوار للوصول إلى حلٍ للأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد، آملاً أن يكون العام 2015 عام الحلول السياسية التي تنقذ الوطن، لأنه لا يصح أن يكون الوطن بين طاحونة الخيارات الأمنية وغياب الحلول السياسية.
فيما دعا نائب الأمين العام لجمعية التجمع القومي الديمقراطي محمود القصاب الأطراف المعنية في البحرين إلى القبول بتقديم تنازلات للوقوف عند منتصف الطريق، لضمان وجود دولة قادرة على تحقيق العدالة والاندماج الوطني وتعزيز التعايش بين مكونات الوطن.
جاء ذلك خلال ندوة نظمتها جمعية التجمع القومي الديمقراطي، مساء أمس الأول (الاثنين) بمقر الجمعية بمنطقة الزنج؛ والتي كانت بعنوان «تغييب الحل السياسي وأفق الحوار المسدود».
واستهل الحديث في الندوة عبدالجليل خليل، مستعرضاً أحداث العام 2014 من خلال أربعة مسارات متمثلةً في المسار الأمني والسياسي والحقوقي والشعبي.
واعتبر خليل أنه «عند تصفح العام 2014 يبرز لنا منذ أول يوم المسار الأمني المتمثل في توقيف الأشخاص والمحاكمات، فهناك أحكام تصدر بشكل شبه يومي بعضها يصل للإعدام وأحكام أخرى بالسجن 20 و 15 عاماً، بما يضفي على عام 2014 بأنه أكثر الأعوام غلظة وشدة في المسار الأمني».
وبحسب خليل فإن «هناك ما يقارب 600 شخص تم الحكم عليهم بأحكام مختلفة، وهناك أيضاً حدوث انفجارات وسيارات مفخخة وقتلى، بل إنه في تاريخ 30 سبتمبر/ أيلول استقبلت محاكم البحرين في يوم واحد 1300 موقوف لمحاكمته».
وعن السمار الحقوقي، قال: «بدأ المسار الحقوقي في 4 يناير/ كانون الثاني بتصريح ملفت للسيد شريف بسيوني يعلن بأنه لم يتم تطبيق التوصيات الرئيسية في تقرير لجنة تقصي الحقائق، وعبّر أن هناك أكثر من 300 حالة سوء معاملة لم يتم التحقيق فيها».
مضيفاً «وفي 23 يناير/ كانون الثاني خرجت منظمة فريدوم هاوس بتصنيفها السنوي ووضعت البحرين من ضمن الدول غير الحرة، رغم أن وزيرة الإعلام السابقة أعلنت في 2 مارس/ آذار أن الحكومة أنجزت أكثر من 80 في المئة من توصيات السيد بسيوني، وفي 1 مايو/ أيار وضعت فريدوم هاوس البحرين في أسوأ عشر دول في حرية الصحافة».
وتابع في هذا السياق «وفي 14 يونيو/ حزيران صدر تصريح آخر ملفت لبسيوني مفاده أن تنفيذ التوصيات انتقائي وتنفيذ مجزأ يفقدها ترابطها ويفقدها فعاليتها».
وبالنسبة للمسار الشعبي استعرض خليل تواريخ خروج المسيرات المعارضة بالإضافة إلى الممنوعة منها.
كما استقرأ خليل دور المجتمع الدولي ومساهماته بشأن البحرين خلال العام 2014، معتقداً أنه لا توجد أي صورة لأي نوع من المساهمة من الدول الإقليمية في الأزمة البحرينية، فيما كانت هناك مساهمات وتصريحات من قبل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، واللاعب الأكبر الولايات المتحدة الأميركية، موضحاً أن تلك المساهمات كانت تتمثل في دعوة الأطراف إلى الابتعاد عن العنف والتوجه إلى الحوار وصولاً إلى تحقيق إصلاحات ذات مغزى، والحث على الوصول إلى حلٍ سياسي قبل الشروع في الانتخابات.
وعن المسار السياسي، أكد خليل أن «اللقاء الذي جمع سمو ولي العهد بالمعارضة، في 15 يناير/ كانون الثاني كان يمثل بارقة أمل، إذ كان من الممكن أن يذلل الصعوبات ويفتح المجال للوصول إلى حل سياسي، وخصوصاً أن هذا اللقاء تم الحديث فيه عن وقف الخيارات الأمنية حتى تتحرك الحلول السياسية».
وبحسب تعبير عبدالجليل خليل فإن «عام 2014 بدأ ببصيص أمل من خلال لقاء المعارضة بالسلطة، ولكنه انتهى بحبس الشيخ علي سلمان في 28 ديسمبر/ كانون الأول، معلناً تقريباً نهاية هذا الأمل».
ويرى خليل أن «فشل الخيار السياسي يبدو متوقعاً في ظل الاستمرار المحموم للخيار الأمني، بما يحوي من آليات المحاكمات والتوقيف والإعلام المضاد، وهو ما دفع إلى الفشل».
منتهياً إلى القول: «حتى لا يتكرر سيناريو 2014، فإن المعارضة مستعدةٌ أن تبدأ وأن يكون عام 2015 هو عام فيه الحلول سياسية التي تنقذ الوطن من أزماته، لأنه لا يصح أن يكون الوطن بين طاحونة الخيارات الأمنية وغياب الحلول السياسية».
بعد ذلك، قدم القصاب سرداً تاريخياً لأحداث العام 2011 وما تلته من أحداث مختلفة، واستذكر النقاط السبعة لمبادرة صاحب السمو الملكي ولي العهد، مشيراً إلى أن المعارضة قد رحبت بهذه النقاط.
وبحسب اعتقاد القصاب فإن «حالة تفريق المتظاهرين الذين كانوا في – دوار مجلس التعاون (سابقاً) – تقاطع الفاروق (حالياً) وما تبع ذلك من إجراءات مختلفة هو السبب الرئيس لتفاقم الأزمة».
لكنه استدرك في هذا السياق قائلاً: «ليس معنى هذا أنه لم تكن هناك بعض السلوكيات والشعارات الخاطئة في (الدوار/ تقاطع الفاروق)، فقد كانت هناك بعض الأخطاء والشعارات التي ساهمت في انحراف التحرك الشعبي عن مساره الصحيح، إلا أن هذه الأخطاء قد جوبهت بخطايا من جانب الدوائر الرسمية».
وأشار القصاب إلى «صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق، وترحيب المعارضة به، كما رحبت المعارضة بالحوار وقدمت مرئياتها، وطالبت بتنفيذ توصيات اللجنة بأمانة ومن دون انتقائية، فهذه التوصيات شملت كل الجوانب الأمنية والسياسية والاجتماعية، وكان من شأن تنفيذها أن نوفر على بلدنا الكثير من الخسائر والطاقات والجهود ووقف حالة الاستنزاف التي مازال البلد يتعرض لها حتى الوقت الراهن».
ورأى القصاب أن «المسئولية الوطنية ليست في رفع سقف المطالب فقط، إنما في العمل على تقليل الخسائر والتضحيات التي تقدم على طريق هذه الأهداف والمطالب، والمسئولية الوطنية الكبرى تفرض علينا حماية الوطن من أي انفجارات، وليس بالضرورة أن تكون انفجارات أمنية أو عسكرية كما نشاهد كوارثها في الدول المحيطة، إنما الانفجارات والشروخ الأمنية والطائفية والمذهبية التي قد تكون أكثر خطورةً، بل هي التي ربما تستدعي كل المخاطر والشرور التي تحدث في الكثير من الدول اليوم».
مستطرداً في هذا الجانب: «لذلك السؤال: هل عندما تتغير اتجاهات الريح هل نبقى على ذات الرهانات وذات الخيارات أم أن الواقع والمنطق يقولان يجب البحث؟، أنا لا أقول ولا أدعوا للذهاب باتجاه الريح، إنما الواقع والمنطق يقولان لابد أن ندفع باتجاه تقليل خسائر الوطن وخسائر الشعب وخسائر حتى حاضنات هذا الشعب من هذه الرياح العاتية».
ويرى القصاب أن «الأوضاع المتردية أمنياً وسياسياً واجتماعياً تحتاج قدراً من الموضوعية والعقلانية لمواجهتها، وأن هذا يفترض وجود عقل سياسي متزن لا عقل متهور، بل عقل متفتح على تسوية وطنية، ووجود رؤية سياسية عادلة وشاملة تعمل باتجاهين، الاتجاه الأول وقف الحل الأمني و كل الإجراءات والسلوكيات المحركة للغرائز الطائفية وللأحقاد والكراهية التي تدمر البلد على رؤوس من فيها، فاليوم الدعوات للكراهية لا تجري في غرفٍ مغلقة ولا بشكل همسات على استحياء إنما تجري في العلن وفي كل وسائل الإعلام للأسف».
وعن الهدف الثاني للرؤية السياسية التي طرحها القصاب، قال: «رسم خطوات الحل السياسي متمثلاً بوجود خارطة طريق تتضمن الاستجابة لمطالب الشعب في حدودها الدنيا على أقل تقدير، وهو ما يعني تحقيق مبدأ المشاركة السياسية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق المواطنين من دون تمييز أو تهميش، فالمهم في نهاية المطاف أن نضمن وجود دولة قادرة على تحقيق العدالة والانصهار والاندماج الوطني وتعزيز التعايش بين مكونات الوطن والقبول بتنازلات متبادلة للوقوف عند منتصف الطريق».
مشيراً إلى أن «الدولة التي تفشل في تحقيق هذه الأهداف حتماً سوف تظل تعاني من الأزمات المتلاحقة والاحتقانات المستمرة التي تعيق تقدمها، وهو وضع من دون شك يغري المتربصين بالبلد للتدخل في شئونها، كما قد يدفع بالبعض لطلب التدخلات الخارجية دون بصيرة سياسية، ونحن لسنا بحاجة للتأكيد على موقفنا من هذه الدعوات ورفض كل هذه الدعوات جملة وتفصيلاً».
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4575 – الأربعاء 18 مارس 2015م الموافق 27 جمادى الأولى 1436هـ